كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

وفي سماع ابن حبيب
سمعت أصبغ يقول في المظاهر يطأ قبل الكفارة أنه يعاقب؛ جاهلا كان أو عالمًا.
ولأشهب في ديوانه فيمن أعتق أم ولده ثم وطئها في العدة وأدعى الجهالة أنه لا يعذر لذلك والحد لازم كما لو زنى رجل وزعم أنه لم يعلم بتحريم الزنى، وفرق أشهب بين المعتق والمطلق ثلاثًا أو البتة يطأ في العدة، فقال في المطلق: لا يجد ويلحقه الولد، وهو موضع شبهة لأهل الجهل وكذلك المطلق قبل الدخول ثم يطأ يلحقه الولد ولا حد عليه ولا عليها، وذكر ابن حبيب عن أصبغ في الموصي إليه يشتريى نصرانية فيعتقها: ثم يجز ويضمن الوصي وإن أخطأ أو جهل.
وفي سماع ابن القاسم:
سئل مالك عن رجل علي صيام الظهار فصام ذا الحجة، فقال: لما صام وهو يعلم أنه مفطر؟ فقيل له: قد كان ذلك. قال أحب إلى أن يبتدئ الشهرين وإن بنى على صيامه فعسى أن يكون له في ذلك سعة، وما هو بالبين، قال ابن القاسم: أرى أن يبتدئ الشهرين، ولا تنفعه الجهالة؛ لأن الله تعالى يقول في كتابه: {فصيام شهرين متتابعين} (النساء: من الآية 92): فلا تنفع أحدًا جهالته فيما خالف كتاب الله.
وفي الشهادات من سماع ابن حبيب:
وسألت مطرفًا عن تارك شهود الجمعة، وهو ممن يجب عليه حضورها، هل يجرح ذلك شهادته؟ فقال لي: سمعت مالكًا يقول: من تركها من غير مرض ولا عذر؛ لم تجز شهادته. قال مطرف: وذلك إذا تركها مرارًا ولم يعرف له عذر في تركها، وشهادته مطروحة حتى يثبت عذره ويظهر ولا يعذر في ذلك بجهالة.
وروي عن مالك ابن أبي حبيب قال: قلت رجل وأنا حديث السن: ما على الرجل يقول: على مشي إلى بيت الله ولم يقل: على نذر مشي، فقال لي رجل: هل لكان أعطيك هذا الجرو – لجرو قثاء في يده – وتقول علي المشي إلى بيت الله؟ قال: فقلت: نعم، فقلت وأنا يومئذ حديث السن، ثم مكث ما شاء الله حتى عقلت فقيل لي: إن عليكم مشيًا فجئت سعيد بن المسيب فسألته فقال: عليك مشي، فمشيت.
قال مالك: وهذا الأمر عندنا. قال أبو عبد الله: وحكم الجاهل في مسائل الصلاة حكم العامد سواء لا يعذر بالجهل فيها، وكذلك الحج يستوي فيه الجهل والعمد والنسيان

الصفحة 676