كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

غائب يجهل أمرها، فيلزم ل من جاوره اليمين أنه لا مدخل له على أرضه، فمن حلف برئ ومن نكل كان عليه المدخل.
وإن كان صاحب الأرض ممن يعلم أنه لا يخفى عليه ذلك ولا يجهله قيل له: لا يمين لك على من يجاورك بهذه الدعوى التي لا تحققها، فإن حققت دعواك على أحد لزمته اليمين أو يصرعها عليك فيحق بذلك ما تطلبه وإلا فلا شيء لك فلما وردني جوابه هذا أعدت سؤاله عن الحكم كيف يكون إن حلفوا أجمعوا أو تكلموا أجمعون.
فكتب إلي: ليس عندي من الجواب إلا ما جاوبتك به إلا أنه أظهر إلى بعض أصحابنا مسألة كتب فيها إلى يحيى، فأجاب فيها، تشبه مسألتك في اللفظ، وتخالفها في المعنى، وهي كتب عثمان بن غازي إلى يحيى بن يحي بن يحي في رجل كانت له أرض، وقد أحاط بها أرض قوم فغرسها، فكان يختلف أحد الشركاء إليها على أرض من جاوره، فسد القوم أرضهم بالسد، ومنعوه الممر فيما سدوا عليه، فوقف لا يجد ممرًا إلى كرمه، فكتب إليه أن يؤمروا أن يجعلوا له طريقًا إلى كرمه على غير مضرة بهم ولا به ثم يتراد القوم هذا الممر بينهم حتى تكون على جميع من كان يختلف عليه.
وكتب ابن القطان إلي.
قي مسألتي إذا لم يثبت لصاحب الكرم الداخل طريق على واحد من المانعين له، فلا طريق له عليهم وإنما يقول له الحكم: إن أثبت عندي شيئًا حكمت لك له، إلا أنه إن ادعى أن له طريقًا على أحدهم وحقق دعواه حلف له المدعي عليه، فإن نكل حلف المدعي، وقضي له بما يدعي من الطريق.
وأما سلوكه المدة التي ذكرت فلا حجة له في ذلك إن لم يحتج بسكوت المسلوك عليه، وإن قال هو ملكي ومالي وطريقي إلى كرمي؛ فعلى رب الكرم أن يثبت أن الأصل له وأن مروره هذا محدث، فإن أثبته قضي له بدفع محدث الطريق إن شاء الله عز وجل وكان في جوابه إصلاح اعتذر منه كما يعتذر في الوثائق.
قال القاضي:
ورأيت بعد ذلك في هذا المعنى كتب إلى بكر بن وافد فيمن له أرض فغرسها كرمًا وحوله أرض جيرانه وقرابته غير محظور عليها، فكان يختلف إلى كرمه من حيث أمكنه

الصفحة 678