كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

عشرين سنة أو نحوها، ثم غرس جيرانه وقرابته أرضهم من كل ناحية، وأغلقوا عليه فمنعوه الاختلاف إلى كرمه من كل ناحية، فأجاب ليس لهم أن يغلقوا ما يقطعون بإغلاقه السلوك إلى أرضه إن شاء الله.
وفي كتاب البنيان والأشجار لابن حبيب:
وسألت أصبغ عن أرض لرجل في وسط أرضين لقوم كان ينتجعها بالحرث والحصاد على فدان من لم يحرث فدانه تلك السنة، فأراد أن يتخذ بنيانًا في أرضه تلك فمنعه أصحاب الفدادين المحيطة به، وقالوا: تطرق علينا وتضر بنا فداديننا إذا زرعنا. هل يمنع مما أراد من البنيان في أرضه؟
فقال لي: لا يمنع من ذلك وهو يمر إلى أرضه من حيث كان يمر مرة من هذه الأرض إذا لم تزرع ومرة على هذه الأخرى إذا زرعت، ويمنع من أن يضر بالقوم في زروعهم. قلت: فإن أراد كل واحد منهم أن يغلق على أرضه ببنيان أن بحظير البستان كيف يصنع صاحب الأرض المتوسطة؟ قال: يمنعون مما ذكرت حتى يجتمعوا له على ممر يتركونه له من أرض من شاءوا منهم، وذلك على كل من كان هذا المتوسط يختلف على أرضه إلى ارض نفسه.
قلت فإن اختلفوا في هذا الممر؟ فقال لهم المتوسط: اتركوا لي ممرًا واسعًا يحملني وماشيتي وجميع حوائجي، وأبى القوم من ذلك. فقال لي يحكم له عليهم بمثل الممر الذي كان له في أرضهم من قبل البنيان منهم، ومنه على حال ما كان يختلف إليها بماشيته.
وإن لم يكن يختلف قبل ماشيته لم يكن عليهم أن يتركوا له ممر ماشيته وكذلك إذا أراد هو البنيان وحده. ولم يردوا هم بنيان أرضهم، وتركوها للحرث والزرع كما كانت، فاحتاج من المنافع من دخوله إلى أرضه وخروجه منها إلى أكثر مما كان يحتاج أولاً؛ إذ كان يختلف إليها للحرث فقط فإنه يمنع من البنيان؛ لأنه استحقاق لأكثر من حقه. قال وسئل ابن القاسم عن ذلك فقال مثله.
وفي حريم البئر من المدونة:
فيمن له بئر يحول بينه وبين أرضه أرض جاره، فمنعه الجار من الممر إلى العين. قال ابن القاسم: سمعت مالكًا يقول فيمن له أرض حوله أرض للناس مزروعة فأراد أن يمر بماشيته إلى أرضه في زروعهم إن كان ذلك يفسد فلهم أن يمنعوه.

الصفحة 679