كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

أبق إلى وقت ارتفاع القاضي من نظره، وطلب اليهودي إغرام الأمين قيمة الغلام، فسأله القاضي – وفقه الله – هل يجب على الأمين قيمة الغلام أم لا؟
فالذي نقول به في ذلك، والله الموفق للصواب: إن توقيف القاضي للغلام لاستبراء أمره حزن من النظر وصواب من الفعل، والذي يطلبه اليهودي من إغرام الأمين باطل لا يلزم؛ لأن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: "ليس على أمين غرم (¬1) ".
وقال أهل العلم: إلا أن يتعدى، وقلت: إنه ثبت عندك أن الغلام كان في مجلسك إلى أن ارتفعت عن النظر في اليوم الذي ذلك اليهودي أنه ابق يه الغلامن ولو ثبت خروج الأمين بالغلام ثم ثبت رجوعه به وابق، لم يضمن أيضًا فهذا قولنا فيما سألتنا عنه. قاله ابن وليد.
وقال ابن لبابة: ليس على أمين ضمان إلا أن يثبت أنه سار به إلى باديته وأبقى من البادية، فلو ثبت ذلك بالبينة فحينئذ كان يضمن لأنه تعدى بإخراجه عن موضع أمانته، فيكيف وقد رئي في مجلس القضاء يوم إباقه، فهذا تكذيب لما ادعاه اليهودي وإسقاط لدعواه عن الأمين.
وقال عبيد بن يحيى: لا ضمان على الأمين إلا أن يكون أبق عنه من منزله، فأما إن كان رجع به فأبق من داره بعد أن ظهر في مجلس القاضي فلا ضمان عليه. وقال أحمد ابن يحيى بن أبي عيسى: لا ضمان على الأمين وساق نحو كلام عبيد الله.
وقال محمد بن غالب: خروج الأمين بالغلام محترسًا به لا يوجب ضمانًا حتى يثبت بالبينة العدلة أنه خرج به لمفنعة نفسه، فيكون متعديًا فيضمن، وإن رجع به فلا ضمان عليه أصلاً في كل حال، وقال يحيى بن عبد العزيز مثل ذلك، وقال أيوب مثله، وقال سعد ابن معاذ مثل قول عبيد الله.
من تعدى على باب رجل فكسر بابها وضرب ربها وانتهب ما فيها:
شهد عند القاضي شهود أنهم قالوا لعمر بن عبد العزيز: لقد ساءنا ما سمعناه عن ولديك من مسيرهما بجماعة من أهل الفساد والشر منهم عبيد الأقطع وابن تمامة النواجه وحارث الجنان، وسعد الذي صار في خدمتك إلى دار يسكنها عبد الله، سكارى،
¬__________
(¬1) ... هذا الحديث لم أعثر عليه.

الصفحة 684