كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

وكسروا الباب وهجموا على العيال، وانتهبوا ما في الدار، وضربوا عبد الله حتى أشفى على الموت.
فقال عبد الملك ومحمد ابنا عمر: نعم فعلنا ذلك وفي شهادتهم أنهم يعرفون الفعلة بأعيانهم وأسمائهم من أهل الفساد والشر وشرب الخمر والعباثة، وشاور في ذلك فقالوا فهمنا – وفقك الله – الشهادات الواقعة، فرأينا شهادات توجب الأدب البليغ والحبس الطويل على الفعلة المسمين في هذا الكتاب المشهود عليهم إن لم يكن عندهم مدفع وإن ذكروا مدفعًا حبسوا وكشوفوا عن مدفعهم وهم في الحبس، فإن مثل هذا شنيع يكون في مجمع وحاضرة فستحقون الأدب البليغ، ومن شهد عليه بشرب الخمر منهم فعليه الحد وزيادة الأدب، لعظيم ما انتهكوا وأظهروا. قاله عبيد الله وابن وليد، وابن لبابة وسعد بن معاذ.
قال القاضي:
سكتوا في جوابهم هذا عن الحكم على المشهود عليهم بغرم ما انتبهوا من الدار، على ما شهدوا به الشهود، وهو من فصول المسألة التي يجب بيانها.
قال ابن حبيب في كتاب الأحكام من أسمعته: سألت كطرفًا وابن الماجشون، عن القوم يعدون على منزل الرجل فيغيرون عليه والناس ينظرون فينتهبونه ويذهبون بما كان فيه من مال أو حلي أو ثياب أو طعام أو ماشية، غير أن الشهود لا يشهدون على معاينة ما يذهبون به إلا أنهم يشهدون على غاراتهم وانتهابهم.
فقال لي مطرف: أرى أن يحلف المغرا عليه على ما ادعى مما يشبه أن يكون له وأن مثله يملكه مما لا يستمكر ويصدق فيه، وقال لي ابن الماجشون: لا أرى أن يعطي بقوله ويمينه وإن ادعى ما يشبه، حتى يقيم بينة بدعواه، وسألت عن ذلك أصبغ فأخبرني عن ابن القاسم مثل قول ابن الماجشون، واحتج بقول مالك فيمن انتهب صرة دنانير بحضرة شهود ثم اختلف في عدة ما كان فيها ولا يعرف الشهود – قال مالك: القول قول المنتهب مع يمينه.
قال ابن حبيب: وقول مطرف في ذلك أحب إلي وبه أقول. وقال ابن كنانة والظالم، أحق من تحمل عليه قلت لمطرف: فإن أخذ واحد من هؤلاء المغيرين، أيضمن جميع ما أغاروا عليه إذا شهدت به بينة أو حلف المغار عليه مما يشبهه؟

الصفحة 685