كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

الذي عندنا – أكرمك الله – في هذا أنها إذا رمت في ذلك رجلا لا شيبهه ما رمته به ولا ينسب إليه ما شهد به عليها مما نسب إليها، فالحد لعيها واجب للرجل الذي رمته حد الفرية ثمانون سوطًا. قاله أبو صالح. وقال ابن لبابة: وتضرب لإقرارها بالزنا مائة سوط فيكون عليها مائة وثمانون سوطًا، يريد إن أقامت على دعواها، وإن رجعت عن ذلك لم يلزمها إلا حد القذف.
قال القاضي:
وهذه المسألة إذا ادعت المرأة أن فلانًا استكرهها في المدونة في الخلع وكتاب الشهادة وكتاب الغصب، وكفى الشهادات، وعند آخر كتاب السرقة، وفي سماع أشهب في كتاب الغصب، وفي مساع عيسى في الحدود، وفي أول رسم من سماع يحيى في كتاب الدعوى.
وقال ابن المواز: إن جاءت به متعلقة تدمي أو لا تدمي، وهو ممن لا يتهم بذلك، حدت للقذف لا للزنا. قاله ابن القاسم وابن وهب، وقاله مالك، وقال ابن الماجشون: ولا يلزمه صداق ولا أدب، ولا تحد هي لما رمته به، وقالع أصبغ.
وإن كان متهمًا فلها عليه صداق المثل. قاله ابن الماجشون وأشهب، وقال ابن القاسم لا صداق لها أن يشهد رجلان أنه احتملها وغاب عليها، فتحلف وتأخذ صداقها إن ادعت أنه أصابها ويوجع هو ضرًا، وقاله مالك.
وقال ابن حبيب: سألت مطرفًا عمن سرق متاعه فاتهم من جيرانه رجلاً أو فريبًا لا يعرف حاله؛ أترى للإمام أن يحبسه حتى يعرف يسأل عنه ويتبين حاله؟ فقال لي: نعم، أرى ذلك على الإمام، وأرى ألا يطيل حبسه.
قلت له: فإن كان هذه المتهم مأبونًا بالسرقة متهمًا بها؟
قال فذلك أطول لحبسه، وإن وجد عنده بعض متاعه وادعى المتهم أنه اشتراه، ولا بينة له، وهو متهم بالسرقة فلا سبيل للمدعي إلا فيما في يديه وإن كان غير معروف بذلك، فعلى السلطان حبسه والكشف عنه.
وإن كان معروفًا بالسرقة مأبونًا في حاله حبس أبدًا حتى يموت في السجن. قال: وسألت عنه ابن الماجشون وابن عبد الحكم وأصبغ فقالوا مثله، وكتب بذلك عمر بن عبد العزيز.

الصفحة 687