كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

فجاب عبيد الله بن يحيى بخط يده:
نعم – رحمك الله – كذلك قلت لك، وهو رأيي والذي كنت أعرف والذي رحمه الله يقوله ويشير إليه، وقال ابن لبابة: هذه مسألة فد اختلف فيها، فالذي وضعه مالك في الموطأ أن اللوث البينة غير القاطعة.
وروى أشهب عن مالك أن للوث: الشاهد العدل والشاهد غير العدل واللفيف، وروى ابن القاسم عن مالك وقال به أن اللوث الشاهد العدل، وقال به أصبغ.
وللقاضي – وفقه الله – التخير على الاجتهاد بما يوفقه الله له من الحق إن شاء الله. وقاله أيوب بن سليمان، وسعد بن معاذ، ومحمد بن وليد ويحيى بن سليمان.
قال القاضي:
ما أدل هذه المسألة على قلة علم عبيد الله لاقتصاره في جوابه عنها على رأيه ورأي أبيه مما قيل في ذلك – رحمه الله وإياهم – وكذلك كان العلم في أكثر الأوقات عزيزًا قليلاً، فقهنا الله في الدين.
وقال ابن حبيب: سألت مطرفًا عن تفسير قول مالك: لا تكون القسامة إلا بأحد وجهين: قول المقتول دمي عن\د فلان أو لوث من بينة غير قاطعة. فقال لي: سألت مالكًا عن اللوث، فقال لي اللطخ، أليس مثل اللفيف من السواد والنساء يحضرون ذلك، والرجلين غير العدلين أو النفر غير العدول يشهدون على ذلك، فتكون القسامة معهم.
قال مطرف وقد كان بعض أصحاب مالك يروي عنه أنه قال: لا يكون اللوث إلا الشاهد العذل. وهو وهم من رواه، فاحذر هذا القول لا تقبله، فأظنه أنه قد انتهى إليك أنما قال له ابن أبي حازم ويومًا – ونحن جميعًا معه – يا أبا عبد الله ترى الشاهد العدل لوثًا؟ فقال: نعم، فجعله بعض من سمعه معنى أن تفسير اللوث: الشاهد العدل، وإنما معناه أنه لوث أيضًا، وهو أبين اللوث وأظهره، وإنما اللوث بعينه اللطخ البين، والشاهد الواحد منه اللوث والنفر غير جائزي الشهادة، أو الصبيان أو النساء إذا حضروا ذلك من اللوث أيضًا. وقد قيل بذلك عندنا بالمدينة.
واللوث التباس الأمر واختلاطه، تقول: التاث هذا الأمر، فأعرف هذا، وإياك أن تقبل غيره. وسألت عنه ابن الماجشون فقال لي مثل قول مطرف، وأعلمت به أصبغ فاستحسنه، وقال به، ورأى أنه الحق والصواب.

الصفحة 689