كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

في قوله، وأما أن يعرض عن ذلك مشهور المذهب ولا يذكره ويعداه إلى غيره؛ فذلك تقصير.
في كتاب الديات من المختلطة قال ابن القاسم: قال مالك: من قال دمي عند فلان ففيه القاسمة. ولم يذكر لنا مالك كأن المقتول مسخوط غاو غير مسخوط، وهو سواء وليس كالشاهد؛ لأنه لا يتهم، والمرأة كالرجل في ذلك في العمد والخطأ؛ في ذلك القسامة.
قيل أرأيت إن قال المقتول: دمي عند فلان، فسمى رجلاً أروع تلك البلاد ممن لا يتهم في الدماء ولا غيرها، ليس بمأبون في شيء من الشر؟
قال: لم أسمع مالكًا يحاشي أحدًا من أحد، وأرى أنه مصدق في كل من ادعى عليه، وإن رمى بدمه صبيًا، أقسم ورثته وأخذوا الدية من عائلة الصبي، وكذلك إن رمى بدمه ذميًا أو أمة أو عبدًا، أقسم ورثته واستحقوا دمه؛ فإن كان عمدًا قتلوا، وإن كان خطأ قيل لسيد العبد: ادفع أو أفد، وقيل لأهل جزية الذمي: احملوا عقل هذا الرجل.
وفي تفسير ابن مزين قال: وسألته يريد عيسى بن دينار عن صفة الضرب الذي إذا ادعاه الرجل أنه ضرب به أو قتمت به بينة؛ وجبت القسامة؟ فقال الضرب كله. فقلت له أمن ذلك اللطخة؟ قال: نعم قال الله تعالى: {فوكزه موسى فقضى عليه} (القصص: 15).
قلت: فإن ادعى أن فلانًا ضربه، ومن ضربه يموت، وليس به أثر ضرب من جسده قليل ولا كثر؟
قال: يحمل من ذلك ما تحمل، وتكون فيه القسامة على سنتها. قلت وإن لم تعلم منازعة بين المدعي والمدعي عليه ذلك قبله؟ قال: وإن هو أعلم بما وصل إليه من ذلك.
قلت: وإن رمى بذلك صالحًا من الناس لا يتهم بشيء؟ قال: وإن رمى بذلك خير الناس حالاً، فربما حدثت البلايا، وربما كان الضرب الذي يخفي أثره وهو يكيد صاحبه؛ فالقسامة تجب بقوله، ويمضي على سنتها، ويدين من ذلك ما تدين، وأصدق ما يكون المرء إن شاء الله حين ينزل به الموت ويحضره فراق الدنيا.
قال ابن مزين: وأخبرني يحيى عن ابن يحيى عن ابن نافع مثله. وقال أصبغ من قال: سقاني فلان سمعًا ومنه أموت فمات، أقسم على قوله ووجب القود.
وفي العتبيبة: في آخر سماع عيسى عن ابن قاسم: لا قسامة في مثل هذا إلا في

الصفحة 693