كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

الضرب المشهود عليه أو الآثار البينة من الجرح وأثر الضرب، وفي سماع أبي زيد عن ابن القاسم فيمن ركض رجلاً برجله البطن، فمكث أيامًا فزعم أنه يجد من الركضة على فؤاده أمرًا شديدًا فمات. قال: ينبغي مثل هذا أن يخوف ويذكر الله، فإن أصرم وقال: والله مازلت منذ ركضني فلان بشر، وما قتلني إلا الركضة؛ رأيت أن يقسموا معه ويستحقوا دمه إذا كان مضجعًا من يوم ركضه حتى مات، وإن لم يضجع إذا رئي به ضرر ذلك وسببه فهو بمنزلة الاضطجاع.
وقال ابن حبيب في كتاب إلى أصبغ بن الفرج: فيمن قربت إليه امرأة طعامًا، فما أكله تقيأ أمعاءه، فأمكن بالموت مكانه، فأشهد أن امرأته وخالتها فلانة به؛ هل يقسم على قوله؟
وفي قوله من قال: سقاني فلان سمًا منه أموت، ولا يعلم إلا بقوله ولم يتقيأ منه أمعاءه. وهل هذا كقوله: فلان لطمني ومنه أموت، ولا أثر ضرب به؟ فإنه قد نزل هذا ببلدنا، فاستشرنا فيه الإمام فاختلفنا عليه.
فكتب إلي: نعم أرى القاسمة لأولياء هذا الرجل في مسألتكم إن شاء الله، ولا شك فيه عندنا للذي عاجله من الموت وإن لم يقل منه أموت، وهو كالضرب أو الجرح بسيف أو بعصى، فيقول فلان بي فيكتفي به، وإن لم يقل منه أموت، وقد يكتفي بقوله: فلان قتلني، وإن لم يكن به أثر؛ فيقسم عليه ولا يحتاج إلى كشفه كيف قتلني، ولا يمنع ذلك نم القسامة على قوله إن مات.
وكذلك قال مالك فيمن قال: فلان قتلني مجردًا هكذا، لم يصف ضرًا ولا غيره، ولا أثر به؛ أنه يقسم بقوله، وليس عليك أن يكشف عن قوله أنه قتله، ولا متى ضربه.
أخبرنا إياه ابن وهب عن مالك.
وقاله جميع أصحاب مالك، لا اختلاف بينهم فيه: إن من قال: فلان قتلني، أو فلان ضربني، أن القسامة فيه قائمة في العمد والخطأ، وساق جوابه، وفيه طول وبيان اختصرته، وعند آخره: فالقسامة ثابتة في مسألتك في الذي أطعمته زوجته الطعام فتقيأ، إذا ثبت قوله بشاهدين يقسمون عليها أو على خالتها؛ لأنه إنما يقتل بالقسامة واحد؛ سنة ماضية مجتمع عليها من أهل العلم والسلف في زمان الصحابة، وتضرب الأخرى مائة وتسجن سنة.
وفي سماع سحنون وسماع أصبغ: لا يثبت قول الميت دمي عند فلان، أو شجني

الصفحة 694