كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

يحلف خمسين يمينًا ما رماها عمدًا، ثم تكون ديتها على عاقلته، فإن أبى من اليمني حبس حتى يحلف، ولا يطل دم مسلم.
وقد روى يحيى عن ابن القاسم في المسلم يقتل المسلم عمدًا الذي لا ولي له إلا المسلمون، أيجوز للإمام أن يعفو عن القتل؟ فقال: لا ينبغي له أن يهدر دم مسلم، ولكن يستقيد له من لا ولي له إلا المسلمون، فكذلك يستخلف في هذا المحبوس. وقال سعد بن معاذ بمثل قول أيوب بن سليمان.
وقال عبيد الله بن يحيى بمثل قول أيوب بن غالب من الاختلاف في اللوث أنه قال بعض أهل العلم وهو ابن القاسم: الشاهد العدل، وقال غيره وهو ابن نافع وغيره من رواة مالك: اللوث الجماعة غير العدول، فأي القولين رأيت الأخذ به، رجوت أن يوفقك الله.
فأما اليمين إذا لم يثبت لها ولي، وأخذت بقول من رأى اللوث الشاهد العدل، فما أرى عليه يمينًا.
من حبس في دم فشهد له بالطهارة والعافية:
شهد فلان بن فلان أنه يعرف ابن فحلون من أهل الطهارة ولزوم العافية واستقامة الطريقة، بعيدًا مما ينسب إليه من مقارفة الدم، ملازمًا للخير وأهله، لا يعلق به عنده مما أضيف إليه من الدم، وأن الذي كان من انتشاب من وشى به إنما كان اغتمازًا في ماله وفي شهادته أنه كلم المرسل به حزم بن أبي العكر في أن يرد عليه ما كان أخذ من ماله؛ فرد عليه تافهاً يسيرًا وحبس سائره، وشهد فلان وفلان بمثل ذلك.
فهمنا – وفقك الله – بطاقة المحبوس للدم الذي بعث به ابن أبي العكر، وما على ظهرها مما أمرك الأمير به من كشف أمره كشفًا مستقصى، وأن ترفع إليه بمبلغ نظرك، ورأينا الشهادات الواقعة عندك للمحبوس فرأينا شهادات تامة توجب الإطلاق من الحبس؛ لأن من قول أهل العلم في الرجل يرمي بالدم هل يحبس؟ فقالوا إن كان المرمي غير متهم لم يحبس إلا اليوم واليوم، فإن لم يحق عليه في شيء أطلق، وأما المتهم فيحبس الشهر ونحوه.
فهذا ما قالوا من غير بينه تشهد للمرمى بالطهارة والاستقامة، فكيف وقد شهد لهذا بنفي الريبة عنه، وبعده مما ينسب إليه إلى طول ما حبس فيه أكثر من سنتين؛ فترى أن إطلاق هذا المحبوس واجب وحق لازم، لا يحل حبسه ساعة من نهار إن شاء الله. قال

الصفحة 697