كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

وجه، وجميعه يشهد بصحة ما ذهبنا إليه.
مع أنه لم ينص على التقية ولا سمي المتقي ولا ضمن العقد معرفة الشهود لها، ولو كان ثبت بشهادة شهوده لكان ماضيًا مع ذلك على ما ذكره بعضهم، وإذا حكمت بإمضاء الحبس وفسخ البيع وجب للمبتاع محمد الرجوع بما ابتاعه به على بائعه منه إن كانوا أحياء، أو من مات منهم عن مال رجع به في ماله إن وجده بعينه، وإلا فعلى من صار إليه ذلك المال من ورثته، ثم يرجع المرجوع عليهم على من باع منهم أو من مورثهم حتى ينتهي التراجع إلى البائع المحبس، فإذا انتهى إليه وثبت مبلغ الثمن الذي باع به وقبضه إياه رجع به فيما تخلفه من مال مطلق، وإن لم يثبت عدده ولا وقف شهوده على مبلغه استنزلوا فيه قليلاً حتى يقفوا منه على عدد لا يرتابون فيه؛ فيؤخذ من مال المحبس مثال هذا قول ابن القاسم ومطرف وابن كنانة وبه أقول، وروي أشهب عن مالك خلافه.
وإن لم يتحقق الشهود منه شيئًا بطل، وكذلك يبطل إن لم يوجد له مال مطلق يؤخذ منه، وإن شهد بقبضة ومبلغه وشرط المحبس في كتاب التحبيس أنه إن انقرض عقبه في حياته رجع المحبس إليه ملكًا لا يوهن الحبس؛ إذْ قد ثبت بقاء عقبة من بعده، وكذلك استثناه، وسكن الدار حياته لا يوهنه لتفاهتها في جملة الحبس على ما تضمنته شهادة شهوده، وبه جرى العمل، وبإرجاء الحجة جرى العمل أيضًا لمن غاب من عقب المحبس فضمنه كتاب حكمك معصومًا موفقًا إن شاء الله.
وكان القائم بالحبس ولد المحبس قد كتب مسألته إلى فقهاء أشبيلية إلى أبي عبد الله بن منظور وولد محمد بن زريق وغيرهما؛ فأفتى جميعهم بأن عقد التقية عامل وأهنه باطل، وكذلك أفتى أبو المطرف عبد الرحمن بن مسلمة فقيه طليطلة، وحجة أبي عبد الله بن فرح في جوابه بحكم ابن زرب في جائحة ثمرة حبس بالشهادة على خطوط شهود الجائحة، وقياسه التقية عليها ضعيفة غير قوية، وقيمة غير صحيحة؛ لأن ذلك ليس فيه إبطال الحبس ونقضه وصرف أصله عما سبل فيه، كما في إعمال التقية إبطاله، ولو ساغ هذا لساغ إبطال الحبس بدين قديم على المحبس قبل التحبيس، ولا يثبت إلا بالشهادة على خط شهود الدين إذا كان المحبس لا مال له حين التحبيس إلا الحبس، وهذا لا يقوله أحد.
ومن الحجة البينة لنا – وإن كنا لم نضمنه جوابنًا – أن المقوم عليه المبتاع للدار قد

الصفحة 70