كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

وأنهما لم يداخلهما أحد – في علمهم – إلى أن دخلوا عليها يوم الجمعة لثلاث عشر ليلة خلت من شهر رمضان في الدار المذكورة؛ فوجدوا مكتوفة مذبوحة ولم يروا في الدار أثر لدخول أحد فيها من جهة من جهاتها ولا نزول من سقف ولا غيره فيها، ويعرفون فطيسًا ملازمًا لسكني هذه الدار وللمبيت فيها مع زوجته رحيمة هذه، ولا يعلمونه غاب من الدار إلى أن وجدوا رحيمة هذه مذبوحة فيها.
وأنهم يعرفون أن المحيطين بميراثها في علمهم: أمها حميدة بنت الوزير مغيث بن محمد ابن يونس بن عبد الله وأخوها شقيقها عبد الرحمن بن عبد الرحمن الصغير، وأختاه للأم أمة عبد الرحمن وأمة العزيز بنت محمد بن حسين بن أحمد التميمي، وزوجها فطيس بن عيسى المتهم بذبحها.
وأعذر فيما ثبت عنده من ذلك إلى فطيس، وأعلمه بثبوته عنده وبمن ثبت، فقال: إنه لا مدفع عنده فيه، وأنه لم يقتل زوجه رحيمة، وثبت عنده قوله هذا بمن قيل وأجاز من الشهداء، وثبت عنده أن أولى الناس بطلب دمهم والقيام به مع أمها حميدة وأخيها عبد الرحمن الصغير ابنا عم أبيها للأب محمد بن أحمد بن حكم بن شهيد، ومحمد بن هشام بن شهيد.
وحضر مجلس نظره وقال فيه محمد بن أحمد منهما: إنه لا يقسم في ذلك إن وجبت لهم القسامة، وذهب محمد بن هشام إلى أن يقسم إذا وجب وثبت عنده ذلك من قولها.
وسأل الوزير صاحب المدينة الفقهاء الجواب في ذلك كله، وكيف وجه الحكم فيه، وأظهر المتهم ما ثبت عنده مما تقدم وصفه، وإقرارهم إياه على نصه.
فقالوا: نرى – والله الموفق للصواب – إطالة حبس فطيس بن عيسى موثقًا في الكبل مضيقًا عليه في الحبس زمانًا طويلاً، حسما يؤديك إليه اجتهادك، رجاء أن يقوى في خلال ذلك لطخ الدم به، فإن طال حبسه ولم تقو ريبته وظنته، وبقى على حال أمره؛ قال بعضهم: فيقسم حينئذ في مقطع الحق بالجامع خمسين يمينًا: أنه ما قتلها ولا شارك في دمها، ثم يصرح ويخلى سبيله، والله تعالى حسيبه.
وقال بعضهم: بل يقسم بعد طول الحبس – وليها محمد بن هشام ورجل أو رجال من عصبتها، في مقط الحق بمحضرك ومحضر ملأ من المسلمين، إن كان أخاها غير بالغ في ذلك الوقت على عين فطيس وبمحضره: بالله الذي لا إله إلا هو، لقد قتلها عمدًا يكررون

الصفحة 705