كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

نصرانية زعمت أن عيسى هو الله تعالى، وقالت: كذب محمد فيما ادعاه من نبوته عليه السلام:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، يشهد المسلمون في هذا الكتاب أنهم حضروا في مجلس القاضي أحمد بن محمد قاضي الجمعة في قرطبة، فدخلت عليهم امرأة تسمت بزيجة زعمت أنها نصرانية، فاستهلت بنفي الربوبية عن الله عز وجل وتكذيبها محمد صلى الله عليه وسلم؛ فلان فلان.
فهمنا – وفقك الله – ما قالت المرأة الملعونة المتسمية بزيجة، وما شهد به عليها من نفيها الربوبية عن الله عز وجل وقولها: إن عيسى هو الله، وتكذيبها بنبوة محمد (صلى الله عليه وسلم)، فالذي نراه أن قد وجب عليها القتل وتجيلها إلى النار الحامية، عليها لعنة الله. قال بذلك عبيد الله بن يحيى، ومحمد بن لبابة، وسعد بن معاذ، ومحمد بن وليد، وأحمد بن يحيى.
قال القاضي:
في سماعه عيسى، في رسم يدير ماله، إذا قال الذمي؛ اليهودي أو النصراني: لم يرسل إلينا محمد وإنما أرسل إليكم، وإنما نبينا موسى وعيسى وما أشبه ذلك.
وأما إن قال: ليس بنبي، ولم يرسل ولم ينزل عليه قرآن، وإنما هو شيء تقوله فالقتل عليه لا شك فيه، وإن نال المسلم من النبي عليه السلام شبه ذلك قتل أيضًا.
وفي رسم شهد قال ابن القاسم: إذا قال النصراني ديننا خير من دينكم، إنما دينكم دين الحمير، عوقب عقوبة موجعة، وإن شتم النبي عليه السلام شتمًا يعرف، قال مالك: ضربت عنقه. فقال لي غير مرة إلا أن يسلم، ولم يقل لي يستتاب. ومحمل قوله عندي: إن أسلم طائعًا.
ولقد سألناه عن نصراني كان بمصر، شهد عليه أنه قال: مسكين محمد يخبركم أنه في الجنة هو الآن ما له لم ينفع نفسه؛ إذ كانت الكلاب تأكل ساقية، لو كانوا قتلوه استراح الناس منه.
فلما قرأناها عليه صمت، وقال: حتى أنظر فيها، ثم قال بعد المجلس أين كتاب الرجل، لقد كدت ألا أتكلم فيها بشيء، ثم تفكرت في ذلك فإذا أنا لا يسعني الصمت عنه، اكتبوا إليه يضرب عنقه.
قال ابن القاسم عنه: إن شتم النبي عليه السلام قتل ولم يستتب.

الصفحة 707