كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

هذا في شيء من المذهب.
ولعلهما لم يقفا على هذا من السجل، وإن كان وقفا عليه واختار ما أفتيا به فاختيارهما غير موافق للمذاهب، وبهذا أفتيت عند نفوذ الحكم على ابن حاتم وإلى قولي رجع فيه، وبه نفذ القضاء، على ما نذكره بعد هذا في تمام قصته إن شاء الله.
وخاطب أبو زيد بنسخة من قضائه بذلك محمد بن بقي، الناظر في الأحكام بقرطبة، وثبت عنده خطابه بذلك، وقيد على ظهر النسخة أو في أسفلها بثبوتها عنده، وبعد أن أخذ ابن لبيد أجوبة الفقهاء بقرطبة سأل أن يخاطب له قاضي بطليموس بثبوت ذلك السجل، فخاطبه ابن بقي بذلك، وتحمل الخطاب ثقات نهض مع ابن لبيد.
وكان ابن حاتم قد استقر ببطليوس، واطمأن فيها وظهرت له حال عند رئيسها المظفر أبي بكر، وضمه إلى أن يقرأ الكتب عليه، فملا وصل ابن لبيد إليها، وثبت التسجيل عند قاضيها؛ تبرأ المظفر عن ابن حاتم، وخاف ابن حاتم ظفر ابن لبيد به وإلا يحال بينه وبينه، فاستخفى حتى خرج عنها الىشنترين بالغرب، وكان بها مدة، ثم صار إلى سرقطة، فحفره القضاء إلى موضع منيته قرطبة، ووردها لحيته في عقب ربيع الآخر سنة أربع وستين، وقاضيها أبو بكر محمد بن أحمد بن منظور، فسمعت المحتسبة بوروده فقصدوا محله وموضع نزوله، ولببوه، وسفعوه، وساقوه إلى القاضي شر سوق حافيًا مقرع الرأس، فأمر بسجنه حتى يثبت عنده ذلك التنفيذ، وثبت بذلك عنده تسجيل أبي زيد عليه، واستحضره.
وشاورنا: هل يعذر إليه أم يقتل دون إعذار؟ فقال جميع أصحابنا: لا يعذر إليه ويعجل قتله. وقلت له أنا: لا يسعك الإعذار إليه فيما ثبت عليه؛ لأن القاضي المسجل بذلك قد أخذ به، وقضى بفتوى فقهاء طليطلة، ولا يجوز لك خلافه، لأنه نقض لحكمه، فرجعوا إلى ذلك، ورأوه صوابًا وأعذر إليه بمضحرنا فقال: إن أبا زيد كان عدوه في أسباب الدنيا وعرضها. فأجله فاتفاقنا شهرين، أولهما لليلتين بقيتا من ربيع الآخر، وصرف إلى السجن، وكفل.
ثم توفى القاضي أبو بكر بن منظور قبل تمام الأجل، وولى مكانه عبد الرحمن بن سوار، واجتمعنا بعد تمام الأجل عند المعتمد على الله، وأحضر في كبله، وسئل: هل أمكنه شيء مما أخر له؟ فقال: لم يمكنني من يسعى لي في ذلك، فاستمرت العزيمة على قتله،

الصفحة 713