كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

فلا بأس به، وأما الثاني فخرفات، ولو شئت لقلت قرآنا خيرًا منه، إذ قال: {والعاديات ضبحا} (العاديات: 1) هلا قال: والسابحات سبحان تعالى الله عما قال علوًا كبيراً.
وسمعه قبل ذلك يقول: إنه روي عن بعض الصالحين: لا تعبد الله رجاء ما عنده، فيكون كالأجير يخدم ليأخذ، ولا تعبده لخوف عقابه، كالعبد الذي لا يخدم إلا لخوف من مولاه، ولكن أعبده لما هو أهله؛ ثم عطف فقال: ما هو أهله؟ مستزئاً به، عز ذكره وتعالى.
وشهد حسان بن محمد أنه سمع أبا الخير يقول: الخمر حلال في كتاب الله، ويحتج بقوله: {تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا} (النحل: من الآية 67) فمن قال غير هذا فهو كاذب، ويعرفه تاركا للصلوات الخمس في المساجد، وتاركا لحضور الجمعة، وشاربا للخمر محللا لها. وسمعه أيضًا يقول في الملائكة: إنهم بنات الله.
وشهد على بن عبد الله الحجري: أنه سأل أبا الخير عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها فقال: دعا فعليها لعنة الله، لقد أنت من شدة احتراقها - وأفصح عن أقبح من هذا القول فيها - ترقد رسول الله حتى يصلي صلاة الصبح في الضحى.
واجتمع به في مقبرة متعة فقال له: شهدت علي؟ قال هل: نعم. فقال له أبو الخير متهينًا بشهادته وشهادة من شهد عليه: اسمع ما أشهدك به على نفسي: إني أزني وألوط وأشر بالخمر وأسمع العود، ثم قال له: وقفني على هذه الشهادة متى أحببت، فإني أخبرهم بهذا عن نفسي كما أخبرتك.
وشهد أحمد بن سعيد بن بشرى الأموي: أنه يعرف أبا الخير هذا من أهل الطعن على السنن وأهلها، كادحًا فيها، لا يرى إمامه أحد من أئمة المسلمين، هازلا بكتاب الله عز وجل، طاعناً فيه.
وشهد سليمان بن منيه بن عبد الملك: أنه يعرف أبا الخير من أهل المروق والتهزي بالدين، وسمعه يقول: الله در قريش، عفر هذه الوجوه المنتنة بالتراب، وسمعه أيضًا يمدح الخمر ويقولك لقد ظلم محمد في تحريمها، ولقد أحل أشياء كانت الخمر ير منها.
وسمعه محمد بن عمر بن محمد بن عذرة في انصرافه من تشييع خال له خرج إلى الحج، ولقيه ببلاط مغيث وسأله من أين إقباله فأعلمه، فقال أبو الخير ما أحمق الذين يتعبون أبدانهم، ويخرقون ثيابهم، ويقصدون حجارة صماء.

الصفحة 715