كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

وقال القاسم بن محمد صاحب الشرطة: إسحاق بن منذر بن السيلم تثبت في أمر أبي الخير هذا، فإنه أبو الشر، فاتق الله فيه، وأنا شريك في ثوابه، وإن شئت انتفردني في الثواب فافعل، فإذا تولى صلبه بيدي وإثمه في عنفقي، وكانت شهادة جميع الشهود المسمين في هذا الكتاب على عين أبي الخير وبمحضره، وعرفوه حين شهدوا عليه بما ذلك عنهم من شهاداتهم في هذا الكتاب.
فقبل قاسم بن محمد صاحب الشركة شهادة ثمانية عشر شاهدًا من هؤلاء الشهود، وأجازها لمعرفته بهم، وثبت بهم عنده ما شهدوا به من ذلك، واستظهر بسائرهم، وشاور من حضره من أهل العلم في بيت الوزراء، فعهد أمير المؤمنين الحكم – أعزه الله تعالى – ابن أمير المؤمنين عبد الرحمن – رحمه الله – بذلك إليهم وإليه، فيما ذلك ثبوته عنده على أبي الخير في هذا الكتاب، بعد أن أعلمهم بقبوله لمن قبل من الشهداء، واستظهراه بمن استظهر به منهم.
فقال الفقهاء: قاضي الجماعة منذر بن سعيد، وإسحاق بن إبراهيم، وصاحب صلاة الجماعة أحمد بن مطرف وغيرهم: نرى – والله الموفق للصواب – أنه ملحد كافر، قد وجب قتله بدون ما ثبت عليه من غير أن يعذر إليه فيمن قبلت، بعد أن ينهي ذلك إلى أمير المؤمنين أعزه الله.
وأشار عليه بعض من حضر من أهل العلم بأن يعذر إليه في ذلك، فأخذ الناظر في أمره قاسم بن محمد بقول من رأى أن يقتل بغير إعذار إليه؛ إذا كان ذلك رأيه وأيضًا ومذهبه فيه، وأنهى قاسم بن محمد إلى أمير المؤمنين جميع ما نظر به من ذلك.
فرأى أمير المؤمنين – أصلحه الله – أن الحق والصواب في قول من أشار بقتله بلا إعذار، لما استفاض من إلحاد هذا الملحد وانتشار ذلك عنه، فأمضى ذلك فيه، وأمر بصلبه عضبًا لله ولكتابه ولرسوله، ليكون شرادًا لمن ذهب إلى مذهب من مذاهب، أو ثبت عليه سبب من اسبابه التي تثبت على أبي الشر هذا، لعنه الله.
وكتب أمير المؤمنين – أعزه الله – إلى الوزير عيسى بن فطيس كتابًا نسخته: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، يؤخذ برأي القاضي، وإسحاق، وصاحب الصلاة، فجزاهم عن الدين والذب عن السنة خيرًا، وقد صرفت الوثيقة لتكون في البيت، ورأيت هذا الأمر قد كثر، وكان ممنوعًا مطرودًا، فتقدم إلى القاضي والحكام بالأخذ على أيد الناس في هذا، فمن

الصفحة 720