كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

أعزه الله – ومن حمل السيف على رغيته وسبي ذراريهم لرجوت أن أخطئ بما أشرت به فيه عند الله عز وجل.
فقد أخبرني من وثقت به عن قوم من الصالحين سماهم أنه تقرب إليهم بالمناصحة في نسائهم أن يطلقن الجسم ويتخذون الضفائر ويستعددن بها، فغنهن عن قرب يمتحن بالسبي؛ سببي الشيعة لهن، وانه مقدمته إليهن.
فكيف بمن له نصحت وعنه عز وجل قلت ما قلت؟
وإني لعلى بينة من ربي فيما به أشرت وكل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا.
قال القاضي:
ما قضى أبو إبراهيم – رحمه الله – في التبيين والنصح للمسلمين وإن كان في فصول كلامه اعتراض على الأصول وفي بعضها خلاف، وقد تقدم بعضه في صدر الكتاب والله الموفق للصواب، والبين أن من تظاهرت عليه الشهادات في إلحاد وغيره هذا التظاهر، وكثرت البينة العدلة عليه هذه الكثرة، فالإعذار إليه معدومة الفائدة.
إذا اليقين حاصل بأنه لا يستطيع على تجريح جميعهم ولا يمكنه الإتيان بما يسقط به شهادتهم. ومن قال بالإعذار قاد أصله المتفق عليه عند العلماء والحكام في لزوم الإعذار في الأموال، ومن اجتهد أصحاب، والله أعلم بالصواب.
مسألة في تكفير أهل البدع أم هم كأهل الكبائر:
سئل الشيخ أبو عبد الله بن عتاب عن طائفتين في أهل الكبائر والبدع:
فقالت إحداهما: أهل الكبائر في المشية وأهل البدع في النار ولم يستثن واحدًا منهم.
وقالت الأخرى: أهل البدع أقمن أن يكونوا في المشيئة لأن الذي أتوه تأويلاً أرادوا فيه الصواب فأخطأوا، وأهل المعاصي والكبائر إنما أتوا ذلك تقحمًا وجرأة، قد علموا أن الله قد حرم ذلك فأمنوا مكره وعذابه وقد وصفه الله في كتابه أن عذابه غير مأمون.
وقد أجمع المسلمون أن من تمسك بعقد من الإيمان لم يحتم عليه بالنار لقول النبي (صلى الله عليه وسلم): "لا تنزلوا أحدًا من أمتي جنة ولا نار (¬1) " فأيهما أحق بالتبديع لا زلت مؤيدًا.
¬__________
(¬1) ... هذا الحديث لم أعثر عليه.

الصفحة 727