كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

إلا أنا اقتصرنا على هذا التمثيل مجانبة للتطويل وإذ فيه بيان من ذلك التجميل. وحسبنا الله ونعم الوكيل.
وقول ابن عتاب في جوابه: قد قال: كبير من أصحاب مالك: قد يكون في غير أهل الأهواء ومن هو أشد من أهل الأهواء. هو قول ابن القاسم في تفسير ابن مزين، حكماه عنه عيسى بن دينار وقال به، وقال يحيى بن إبراهيم بن مزين: في تفسير هذا – يريد ابن القاسم – أعذر ممن ركب شيئًا بعد معرفته وتفحمه وجرأته على ذلك فصاروا شرًا من أهل الأهواء.
وفي هذا التأويل عذر لأهل البدع في تحريفهم لكتاب الله عز وجل ومفارقتهم للسنة والجماعة بتأويلهم، ولا خلاف أنهم غير معذورين في مخالفة سبيل المؤمنين.
وقد قال أبو الحسن علي بن محمد بن القابسي في كلام ابن مزين: ما أدري ما تفسير ابن مزين هذا، وإنما أراد ابن القاسم أن في غير أهل الأهواء من هو شر من أهل الأهواء وهم الذين يتدينون بالسنة وتكون منهم جهالات من وراء نسك فهم يغرون به من يسقطونه في جهالتهم، وأهل الأهواء الناس لهم منافرون، هذا وجه قوله عندي، والله ولي التوفيق.
وكيف يقال لمن يخطئ وجه الصواب في الاعتقادات: أنت أعذر ممن سلم له اعتقاده من الخطأ وزل بالجهالة فيما دون الاعتقادات وأتى ذلك تقحمًا؟ هذا يعيد والله أعلم.
هذا كله من كلام أبي الحسن، وهو صحيح حسن، وبالله التوفيق.
قال القاضي:
قد أتينا – بحمد الله وحسن عونه – على ما رغبناه وذهبنا إليه من جمع شمل النوازل التي كمنا قد علقناها على غير ترتيب وكتبناها في غير ما موضع من كتابنا لتقرب فائدتها، وتكمل منفعتها لمن طالعها.
وأضفنا إليها من أنواعها ما فيه تمامها ومن الروايات ما زدنا في بيانها، ولم ننقل ما نقلناه من الأمهات على نصه بل ربما اختصرنا بعض لفظه قصدًا إلى المعنى الذي أردناه فأوردنا وكشفنا لما أردنا بيانه فبيناه.
وما رأينا محتاجًا إليه بجملته كتبناه على هيئة ليكون الاستدلال من ألفاظه ومساقه،

الصفحة 731