كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

موفق.
وإن قال أحدهما: هو خائن، وقال الآخر: يأكل أموال الناس فذلك تجريح؛ لأنه معنى واحد، وقد قال أيضًا: إذا جرحه أحدهما بمعنى، وجرحه الآخر بمعنى آخر، فذلك تجريح؛ لأنهما قد اتفقا على أنه رجل سوء.
قال حبيب: وقد سأتله قبل ذلك عن تجريحهما إياه بأنه رجل سوء غير مقبول الشهادة، وقالا: لا تسمى ما جرحته؟ فقال: هي جرحة ولا يكشفوا عن أكثر من هذا.
وقال: إذا زكى الشاهد في العلانية، وسأل الحاكم عنه في اسر فقيل فهي: هو رجل صالح، فليس بشيء حتى يقول فيه في السر عدلان: إنه عدل وليس صالح بشيء، وتزكية السر والعلانية سواء.
قال: وذاا أتى الشاهد من البادية ليشهد لرجل عند الحكم فنزل عند المشهود له وكان في ضيافته حتى رجع فذلك خفيف ولا تسقط شادته إذا كان عدلاً.
ومن له شاهد فعدله عند هذاالحاكم وكتب له إلى الحكم الذي يشهد له عنده يثبوت عدالته عنده، فأنكرها سحنون إنكارًا شديدًا أن يزكي الشاهد قبل أن يشهد وأن يكون القاضي يكتب بمثل هذا، وقال: لا أعرف هذا، قال: وهو إذا شهد عند الحكم فزكي عنده وحكم بشهادته ثم شهد عنده بعد شهر أو نحوه لرجل آخر كلفه تزكيته أيضًا حتى تشتهر عدالته.
قال: ومن كان حائطه سترة جاره فانهدم لم يكلف بنيانه عند عبد الرحمن، وقال ابن كنانة: يجبر على بنيانه، قال حبيب: ورأيت مذهبه على قول ابن كنانة، قالا: وإن هدمه للضرر يجاره أجبر على بنيانه عندهما.
قال: وإذا حكم على المطلوب بالدين فزعم أنه فقير معدم، وأثبت ذلك عند الحكم ببينة فقال الطالب: عند بينة بأن له دارًا، فقال المطلوب: هي لأمرأته، وهو فيها ساكن معها، فأتى الطالب ببينة بأن تلك الدار لغريمه وأتت الزوجة ببينة أنها لها، فلينظر إلى أعدل البينتين، أن استوتا سقطتا وبقيت الدار للمطلوب وبيعت في دينه لأن سكناه أغلب من سكنى امرأته.
ومن طلب غريمًا بدين وقال عند القاضي: هذا ضمنه لي فأنكره الرغيم وأقر الضامن.

الصفحة 735