كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

قال سحنون: فليأخذ الضامن بدينه، وإن قال: لي بينة على الغريم بذلك لم يكلف إحضارها، ولهذا وشبهه يؤخذ الحمل وللضامن بعد غرمه القيام بتلك البينة على الغيم وأخذ ما غرم منه.
قال: ومن ادعى في قاعة بين دور قوم، وأتى بشهود شهدوا أن موضع كذا إلى موضع كذا له، فعرض له بعض أهل تلك الدور وقال: ذلك له ولفلان ولقوم مجهولين، وأقام بذلك بينة فشهادتهم ساقطة؛ لأنهم لم يقطعوا بشيء معروف، والحق حق الأول يحكم له به.
وقال: ومن ادعى آبقًا مسجونًا قد كان الحكم سجنه فأقر له العبد بالملك؛ دفع إليه ولم يكلف ببينة؛ إذ لا خصم له يعترض فيه إلا إن أتي طالبه بحدثان سجنه فلا يمكنه منه، وليتلوم له قليلا؛ لئلا يأتي طالب يطلبه، وأما إن كان سجنه قد طال فلا يتلوم له وليدفعه إليه، وقد كان قال قبل ذلك: لا يرفعه إلى طالبه إلا ببينة عدل، وإن كان سجنه قد طال ثم شدد فيه بعد ذلك ورجع إلى ألا يدفع إليه إلا ببينة قال: ولو أراد طالب بيعه وهو في السجن عند قاضي عدل لم يجز له بيعه؛ لأن فيه خصومة.
مسألة في اختلاط سيئك بشيء غيرك:
في أول وديعة المختلطة: من أودع دراهم فخالطها بدراهمه ثم ضاعت كلها فلا يضمن؛ لأن الوديعة قد ضاعت وأن الدنانير في الدنانير كذلك.
وإن خلطت حنطة استودعتها بشعير ضمنت لأنك لا تقدر على تلخيص الحنطة منها ولو خلطتها بمثلها من حنطتك لم تضمن كالدراهم، وإن لم تكن مثلها ضمنت، وإذا ضاع بعض الدنانير فهو منكما، وإن كان يعرف بعضًا من بعض بمصيبة ما ضاع من دنانير كل واحد منكما فيه.
وإن خلط صبي ذلك القمح بشعير ضمن مثل القمح ومثل شعيرك؛ لأنه يلزمه ما استهلك، يريد إن قامت عليه بذلك بينة لا بإقراره إلا أن تشاء ترك الصبي وتكونان في المخلوط شريكين أنت بقيمة كيل شعيرك والمودع بقيمة كيل قمحه.
وقال عبد الحق عن بعض القرويين: إنما تجوز شريكتها على الكيل لا على قيمة طعام كل واحد منهما؛ لأنه يدخل ذلك الفاضل بين الطعامين، لكن يبيعانه ويتقاسمان ثمنه على قيمة طعام كل واحد منهما وجاز لهما بيعه، وكذل لأنهما لم يخلطاه فيكون من

الصفحة 736