كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

الشيخ أبي عمران الفاسي بالقيروان وإلى الشيخ أبى بكر بن عبد الرحمن كتب إليهما فيمن ابتاع دارًا في بيت منها خوافي كبار فأراد البائع إخراجها منه، فلم يمكنه إلا بهدم البيت وهدم باب الدار، وفي ذلك ضرر كثير على البائع هل يفسخ البيع إن أبى المبتاع من الهدم؟ وكيف يصنعان في ذلك.
فجاوب أبو عمران: إذا تصادقا أنهما لم تكن لهما نية في حين التبايع في كيفية ما يعمل في الخرافي، مثل أن ينسى كل واحد منهما أمرها في إخراجها، فلاستحسان عندي أن ينظر؛ فإن كان الهدم لإخراجها يعاد إلى حاله بعد أخراجها ببناء يصلح به، فلبائع إخراجها ولعيه بناء ما هدم بسببها.
وإن كان لا يعود الهدم إلى حاله وإن بني ولابد من دخول نقص على المشتري في بيته أو باب داره، وإن بني البائع ذلك له فللمشتري أن يؤدي قيمة الخوافي له إن شاء، وتكون الخوافي له، كمن اشترى خشبة فبني عليها ثم استحقت فعليه قيمتها ولا يهدم بناؤه.
وقد قال ابن القاسم في رطل زيت وقع في زبيق لرجل ما قد وقفتم عليه، ولسحنون فيها أن أصلها القمح يختلط بشعير لرجل آخر في غير عداء أحد، وإن كره المبتاع ذلك قيل للبائع: إن شئت أن تخرج خوافيك وتصلح ما تهدم لإخراجها وتؤده قيمة ما تدخله من نقص بعد الإصلاح.
قال اب عبدوس في باب سفلى لرجل يعلق عليه الآخر، فلا يمكن الدخول عليه وفوقه علو لغيره: عن صاحب العلو الذي فوقه يرفع بنيانه ويلزم صاحب السفل غرم ما رفع فيه باب لرب العلو، كما قيل في إحدى الروايتين، فيمن انهارت بئره ولجاره بئر فيها فضل: أنه يسقي زرعه بالثمن، فإن امتنع في مسألة الخوافي مما قنلا بقيت الخوافي في مواضعها حتى يصطلحها، وليس على المشتري أداء حصة البيت من الثمن إذا لم يقضه إياه فارغًا مما يشغله، كمن أكترى دارًا في بعض مساكنها متاع له.
وأجاب ايض في سنور انفلت من ربه فدخل في حانوت زجاج واستتر فيه، فأراد طلبه وإخراجه من الحانون فمنعه رب الحانون وقال له: إذا فعلت ذلك كسرت علي الزجاج أو تحرك السنور فكسره، وقيل لهما: ذهب أهل العلم عندنا إلى ترك السنور حتى يخرج ويؤخذ من غير ضرر على صاحب الزجاج، والزجاج يأبى أن يترك السنور خوفًا

الصفحة 739