كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

بخلطة، لأنهم منصوبون للناس.
قال ابن أبي زمين: قال أصبغ: خمسة تجب عليهم الأيمان بلا خلطة: الصانع، والمتهم بالسرقة، والقاتل عند موته: لي على فلان دين، والذي يمرض في الرفعة فيدعي أنه بري بماله إلى رجال وإن كان المدعي عليه عدلا غير متهم، وكذلك الغريب ينزل مدينة فيدعي أنه استودع رجلا مالاً.
وقال مطرف: من اتهم بسرقة وهو ممن يرضى بعارها حلف، وإن أبى سجن حتى يرى السلطان فيه رأيه، وإن كان ممن لا يرضى بعارها لا يرع في أخذ مال غيره إذا قدر فلا يميني عليه في دعوى السرقة.
قال أبو عبد الله بن أبي زمنين: من ادعى عليه استهلاك متاع بغصب أو جناية أو أمر اتهم فيه، فاليمن لا تجب في هذا بالخلط، وإنما تجب بكون المدعي عليه معروفا بالغصب أو ينسب إليه وإن لم يثبت عليه، وإذا لم يحقق المدعي دعواه عليه وإنما اتهمه بجناية وشبهها ولم يقطع عليه بها؛ فلا تجب أيضًا في مثل هذا، إلا أن يكون ممن يتهم في دينا باستحلال ما لا يحل، ويمين التهمة لا ترد، ويرى السلطان في ذلك رأيه أن نكل المدعي عليه عنها.
وبهذا جت الفتوى، وقد وقع في المدونة ما يد على هذا، وقد جاء لمالك وابن القاسم في ذلك خلاف تركت اجتنابه كراهة التطويل، وكذلك أفعل في كثير من المسائل التي أورد من الأمهات؛ أترك ما فيه تمامها وبه كمالها تخفيفًا واختصارًا إذ الغرض ذلك ما تفقهته عن الشيوخ، مما فيه تميم لما في الأصول أو تفريع له وبسط لمعاينة، وقد فعلت ذلك فيما تقدم – أعني ترك استقصاء ما أورده – والله تعالى يمن بفضله على ما يقرب منه.
وقال ابن المواز في كتابه: من أقام بالخلط شاهدًا واحدًا أحلف معه وثبتت الخلطة، ثم يحلف المطلوب حينئذ، وقاله ابن نافع وابن كنانة.
وفي سماع أصبغ فيمن أقام شاهدًا واحدًا أن فلانًا خليط له هل يستحل أو حتى يقوم له شاهدان أنه خليط، قال ابن القاسم: شاهد في هذا أو امرأة واحدة توجب اليمين بين الرجلين أنه خليط، وقاله ابن كنانة في المجموعة.
وقال غير واحد من المتأخرين: إنما تداعى الخلط (ب – 16) فيما يعلق بالذمة في الحقوق، وأما الأشياء المعينة يقع التداعي فيما بينهما فاليمين لاحقة فيها من غير خلطة،

الصفحة 76