كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

لمذهب مالك، لكن هذا الحديث مع هذه الزيادة دونها لا يثبت عن النبي (صلى الله عليه وسلم) على هذا اللفظ، والثابت عنه (صلى الله عليه وسلم) قوله لأشعث بن قيس وقد خاصم إليه رجلاً: "شاهداك أو يمنه"، وفي رواية أخرى "بينتك أو يمينه" وهذه الرواية تثبت عند بعض أصحابنا، وأما أهل الحديث فيثبتونه جميعًا.
وأجمع أهل العلم على أن قوله: "البينة على المدعي" هو على العموم، وأن على كل مدع إقامة البينة إلا أشياء يسيرة لم يكن فيها إلى البينة سبيل فحكم فيها [بالدليل] كاللقطة يأخذها طالبها إذا عرف عفاصها ووكاءها، وكالستر يرخى بين الزوجين ثم يطلق وينكر الوطء وتدعيه المرأة فتحلف وتأخذ جميع الصداق، وغير ذلك.
قال: واختلفوا في قوله: "واليمين على من أنكر" فقالت طائفة: هذا عام في جميع الأشياء، وقالت طائفة أخرى – وهذا مذهبنا -: أن ذلك على الخصوص، ودليلهم على مخالفيهم لو ادعى نكاح امرأة أو ادعت المرأة على الرجل ولا بينة على الدعوى: أنه لا يمين على المنكر؛ إذ لا يقضي فيها بالنكول، وأن لا ينعقد النكاح بالأيمان.
وسئل عمن وجبت عليه يمين فردها على طالبه بها بمحضره، فسكت الذي ردت عليه حينئذ ومضى زمانًا، ثم ذهب أن يحلف فقال الراد: ى أمكنك الآن من اليمين وأنا أحلف على إنكار دعواك، وإنما ملكتك حينئذ فإذا لم تحلف وطال الزمان فاليمين إنما تعينت على لا عليك.
فجاوب: إذا رد اليمين فلا رجوع له فيها طال الزمان أو قصر.
ويحلف الذي ردت عليه، ويستحق بيمينه ما يحلف عليه، وهو قول مالك رحمه الله عامة أصحابه، ولا أعلم بينهم فيه اختلافًا.
قال القاضي: هذا الذي جاوب به الشيخ هو في سماع أصبغ في الدعوى وفي التفليس، وفي رسم الجواب في سماع عيسى، وفي ديات المختلطة، وفي كتاب ابن سحنون: من قال فلان على مائة درهم إن حلف أو إذا حلف أو متى حلف أو حي يحلف أو مع يمينه؛ فحلف يمينًا على ذلك نكل المقر، وقال: ما ظننت أنه يحلف، فلا يؤخذ بذلك المقر في إجماعنا، ولمحمد بن عبد الحكم نحوه. فتدبره.
وفي أحكام ابن زياد: تقرأ رحمك الله هذه الشهادات المدرجة في كتابي، ولست أعرف أحدًا من الشهود، وهل تجب اليمين بشهادة الذين لا أعرف أم لا؟

الصفحة 78