كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

الله إلا هو ولا يزيد على هذا، وبه مضى أمر الناس، وفي هذا عنه وعن أصحابه تنازع يطول الكتاب باجتلابه.
وفي أقضية كتاب ابن المواز: ويمين العبد [والحر] والنصراني في الحقوق سواء، ويحلف النصراني مع شاهده العدل كان حقه على مسلم أو نصراني (ب – 18). وكذلك المسلم وغيره، ويحلف المسلم الحر والعبد مع شاهده في المسجد الجامع في ربع دينار فأكثر، فأما ما قل فيحلف في مقامه ولا يحلف في مساجد القبائل في قليل ولا كثير.
وروى ابن القاسم عن مالك في الموازية وكتاب ابن سحنون فيمن باع ثوبًا فرد عليه بعيب، فادعى أنه بينة له فأنكره، فأراد يمينه عند المبر – قال: إنا لنقول لا يستحلفه عند المبر إلا في ربع دينار فصاعدًا قال ابن المواز عن أصبغ: فإن كان نقصان الخرق أكثر من ربع دينار لم يحلف إلا في الجامع.
قال القاضي: ذكرت هذه المسائل في الأصول بينًا أن اليمين لا تكون عند المبر إلا في ربع دينار فصاعدًا، إذا كان بعض من يفتي معنا بقرطبة يرى اليمين عند المبر فيما له بال واء لم يبلغ ربع دينار طيب.
وقد سألت ابن عتاب وابن مالك عن الحلف عند المبر في ربع دينار من الذهب القرمونية، وكان فيها من الذهب نحو السبع، فقالا: لا يحلف فيه عند المبر، وسألت عنه ابن القطان فقال: بمثله، وقال إنما هو الذهب الطيب. وقال ابن أبي أويس عن مالك: لا يحلف في القسامة واللعان وفي ثلاث دراهم فصاعدًا عند منبر إلا منبر النبي عليه السلام، وأما سائر المساجد فيحفون فيها ولا يحفون عند منابرها. وفي سماع ابن وهب نحوه.
قال مالك: ويحلف عند منبر النبي (صلى الله عليه وسلم) بالله الذي لا إله إلا هو، ورب هذا المنبر. قلت: ويقول: ورب هذا المنبر، قال: نعم. قال: ويحلف عنده قائمًا إلا أن يكون ضعيفًا، ورأيت بمكنة يحلفون عند الركن.
وذكر الجرجاني وغيره عن أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن: أنه لا تجب اليمين عند منبر النبي (صلى الله عليه وسلم)، ولا بين الركن والمقام في قسامة ولا في شيء من الأشياء، لكن الحكام يحلفون من لزمته يمين في مجالسهم.
وقال مالك: من أبى أن يحلف عند المنبر فهو كالناكل عن اليمين، ومذهب الشافعي ألا يحلف في المدينة عند منبرها ولا بمكة بين الركن والمقام، إلا في قسامة أو لعان أو في

الصفحة 84