كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

السداد فيه، وإذا باع من أجنبي حمل على السداد حتى يثبت غيره، قال: واستحسن إذا اشترى من مال يتيمه، أنه إذا كان سدادًا وقت عقده البيع نفذ، وهو قول سحنون.
قال القاضي: وابن القاسم يقول: يعاد إلى السوق، وهو يحتمل وجهي: أن يعاد إلى السوق بحدثان شرائه، وأن يعاد هو إلى السوق متى عثر عليه. وقالوا فيما باعه السفيه قبل أن يضرب على يده: الذي أرى أن يفتى به في بلدنا هذا بأن يرد فعله، لأن الحكم أمير المؤمنين رحمه الله استحسن هذا المذهب، وحمل الناس عليه، وسجل القاضي محمد بن السليم رحمه الله به.
فمن هذه الجهة رأيت أن يفتي بهذا المذهب؛ لأن إمام المالك حمل أهل بلده عليه وتقدم لايهم فيه وسجل به قاضيهم، فهو أمر حمل عليه هذا البلد، وقيل له: إن الذي حملهم على ذلك قد مات – يعنون الحكم -، فقال: وإن كان قد مات فقد حملهم عليه وهو حي، فيجب أن ينفذ ذلك.
ونزلت هذه المسألة بقرطبة بإنسان يعرف بابن الصباغ، باع جنة مشتركة بينه وبين بنيه، ثم ثبت سفهه عند القاضي محمد بن أحمد بن بقي في عقد استرعاه أملاه أبو عمر بن القطان فشاور ابن بقي في ذلك الفقهاء، فأفتى أبو عبد الله بن عتاب بأن بيعه على نفسه نافذ، وأن أفعاله في خاصته لازمة له، وأن ما باعه على بنيه مردود غير ماض، واحت بالتي لأصبغ في تفليس العتبية عن ابن القاسم فيمن باع أرضًا أو دارًا لولده، قال: إن كان الأب ليس فيهًا ولا مولى عليه، جاز بيعه، ولم يكن للابن رده وإن كبر، إذا كان نظرًا له، ويتبع أباه بثمن ما باع من ماله، ولأبيه أن يحاسبه بما أنفق عليه إن شاء من يوم باع.
وإن كان الأب سفيهًا مثله يولى عليه، لم يجز عليه بيعه، وإن لم يكن له ولي لأنه لو باع لنفسه لم يجز له بيع، وبقي في المسألة ما تركناه، لأن معناه فيما ذكرناه، وإنما الحجة لابن عتاب منها في رد بيع السفيه على ولده، وأما بيعه على نفسه، فكان مذهبه فيه وجوابه على مذهب أصحاب مالك غير ابن القاسم، وقد ذكرنا أقوالهم قبل هذا.
وأفتى ابن القطان في مسألة ابن الصباغ هذه: برد أفعاله ونقض بيعه على نفسه وعلى بنيه، وأفتى أبو مروان بن مالك بالإعذار فيما ثبت من سفهه إلى المبايعين منه، فإن كان عندهم فيه مدفع، وأتوا بما يوجب لهم حكمًا أنفذ لهم. وليس في جوابه هذا بيان

الصفحة 98