كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

مذهبه في إجازة فعل السفيه الذي لم يولى عليه أو رده إلا أنه اخبرني أن مذهبه في ذلك على مذهب ابن القاسم، وأنه يفتي بنقض بيوعه ورد أفعاله.
وقال لي عن ابن عتاب: أنه يفتى بجواز أفعاله على مذهب ابن كنانة وغيره من أصحاب مالك، وقد أنبأنا عنه بذلك في المسألة فوق هذا، وقد سمعت منه، وكان يحتج فيه بما جرى به العمل قديمًا، ولا يرى ما ذكره ابن زرب من الأخذ برد أفعاله لأمر الحكم أمير المؤمنين.
وكذلك في وثائق ابن العطار أن العمل كان عندهم بقول مالك وأصحابه في جواز أفعاله قبل أن يولي عليه إلى أن أمر الحكم المتنصر بالله أمير المؤمنين رضي الله عنه عبد صدر من خلافته، محمد بن السليم، وهو قاضي الجماعة بقرطبة يؤمئذ أن يحمل الناس على قول مطرف وابن الماجشون في فسخ فعل السفيه الذي لم يول عليه ولم يقض به، فمضت الفتوى بذلك في خلافته، وترك قول مالك ومن تابعه من أصحابه، وهذا مثل ما ذكره ابن زرب سواء، إلا أن ابن العطار زاد أن قول مطرف كقول ابن القاسم، وقد ذكرنا قول مطرف بخلاف ذلك، والله أعلم.
وكتب إلى ابن عتاب من بياسة سفيهة صغيرة باعت ملكها ثمن نكحت وأقامت مع الزوج عشرة أعوام، ثم قامت تطالب نقض بيعها، فكتبت إليه: لا يسقط قيامها بمرور الأعوام التي ذكرت لا سيما إن كان لها عذر يعلم، ولا يسقط حقها إلا الأمر البين.
وفي سماع يحيى سألت ابن القاسم عن امرأة وإخوتها ورثوا عن أبيهم فباع احد إخواتها المنزل كله – وهو غير وصي – باعه دالة على إخوته وأخواته، وتعدى عليهم، فأقام المنزل في يد مشتريه زمانًا أو مات، وبقي في أيد ورثته، وأخت البائع يوم باع أخوها المنزل بكر، فتزوجت بع وأقامت بعد تزويجها زمانًا أو كانت بيوم البيع متزوجة، والمنزل في جوارها، أو على أميال بيسيرة الثلاثة ونحوها، فادعت حقها في المنزل بعد عشر سنين أو خمس عشرة سنة أو أكثر، وزعمت أنها لم تعلم ببيع حظها، أو أقرت أنها علمت به ولم تجد من يتوكل لها بطلب حقها، وادعت أن زوجها ممن لم يكن يدخل على عياله أحدًا لشرفه وشدة غيرته، أتقدر في ذلك بتركها طلب نصيبها؟
قال: أما التي ادعت وهي بكر أو غير بكر أنها لا علم لها أن حقها بيع، فإنها تحلف على ما ادعت من ذلك إلا إذا جاءت بأمر يستدل به على صدق قولها، ثم تكون أحق

الصفحة 99