كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 1)

- الْإِعْرَاب أَسد خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف وَدم الْأسد مُبْتَدأ وخضابه الْخَبَر وحرف الْجَرّ مُتَعَلق بترعد وَهُوَ خبر المبتدإ الثانى الْغَرِيب فريص جمع فريصة وهى لحمات عِنْد الْكَتف تضطرب عِنْد الْخَوْف والهزبر الشَّديد الْغَلَبَة الْمَعْنى يَقُول هُوَ أَسد شُجَاع يتلطخ بِدَم الْأسد حَتَّى يصير لَهُ كالخضاب وَهُوَ موت لأعدائه يخَاف الْمَوْت فترتعد فرائصه من خَوفه
19 - الْمَعْنى مَا هَذِه الْبَلدة وهى بَلْدَة من أَرض الشَّام قريبَة إِلَى الْفُرَات على مرحلَتَيْنِ من حلب إِلَّا كالمقلة الساهدة ووجهك بِمَنْزِلَة نولها والكحل والأثمد هُوَ كحل أسود وَجَاء فى الحَدِيث " إِذا اكتحلتم فَعَلَيْكُم بالإثمد " والكحل وَالنَّوْم هما يصلحان الْعين فصلاح الْعَينَيْنِ بهما فَإِذا فارقاهما هلكتا
(وكانتْ وليسَ الصُّبْحُ فِيهَا بأبْيَضٍ ... وأضحَتْ وليْسَ اللَّيلُ فِيهَا بأسوَدِ)

20 - الْمَعْنى يَقُول هَذِه الْبَلدة لما قدمتها ابيض بنورك لَيْلهَا واسود صباحها مذ خرجت عَنْهَا وَهَذَا مَنْقُول من قَول الطائى
(وكانتْ وليسَ الصُّبْحُ فِيهَا بأبْيَضٍ ... وأضحَتْ وليْسَ اللَّيلُ فِيهَا بأسوَدِ)

21 - الْغَرِيب الفرقد هُوَ نجم ومقابلة نجم آخر وهما فرقدان لَا يفترقان قَالَ الشَّاعِر
(وكلّ أخٍ مُفارقهُ أخُوه ... لعمر أبيكَ إِلَّا الفرقدانِ)
الْمَعْنى يَقُول تعلو رفْعَة أى لم تزل تقرب من هَذِه الْبَلدة وهى تزداد عزة ورفعة لقربك مِنْهَا حَتَّى علت على النُّجُوم فَصَارَت فَوق الفرقدين
22 - الْإِعْرَاب أَرض خبر ابْتِدَاء أى هى وسواها ابْتِدَاء خَبره مثلهَا وسواها فى مَوضِع جر بالظرف الْمَعْنى هى أَرض لَهَا شرف بك وسواها مثلهَا فى الشّرف يُرِيد أَرض سوى منبج لَهَا شرف مثل شرف منبج لَو وجد فِيهَا مثلك وَإِنَّمَا شرفها بحلولك فِيهَا فَلَو وجد مثلك فى غَيرهَا لكَانَتْ تساويها فى الشّرف هَذَا قَول أَبى الْفَتْح
23 - الْإِعْرَاب الْمُقِيم المقعد هُوَ الْأَمر الْعَظِيم الذى يُقَام لَهُ وَيقْعد وَهُوَ الْأَمر المزعج الْمَعْنى أظهر الْأَعْدَاء السرُور بقدومك خوفًا مِنْك لَا فَرحا وَعِنْدهم من الْحَسَد وَالْخَوْف مَا يزعجهم ويقلقهم
24 - الْإِعْرَاب حسدا تَمْيِيز وَمَا بهم فى مَوضِع نصب مفعول أَرَاهُم الْمَعْنى يَقُول حسدوك فماتوا بِشدَّة حسدهم حَتَّى كَأَنَّك قطعتهم حَتَّى تقطعوا حسدا لمن لَا يحْسد أحدا لِأَنَّهُ لَيْسَ أحد فَوْقه فيحسده أَو لِأَن الْحَسَد لَيْسَ من أخلاقه وَقَوله أَرَاهُم مَا بهم أى أَرَاهُم الْحَسَد مَا بهم من التَّقْصِير عَنْك وَالنَّقْص دُونك أى كشف لَهُم عَن أَحْوَالهم قَالَ الواحدى وَقَول من قَالَ مَا بهم من قَوْلهم فلَان لما بِهِ إِذا أشرف على الْمَوْت لَيْسَ بشئ وَلَا يلْتَفت إِلَيْهِ
25 - الْإِعْرَاب وَلَو آن حرك السَّاكِن وَأسْقط الْهمزَة كَقِرَاءَة ورش من آظلم الْمَعْنى يَقُول انصرفوا عَنْك وَعَن مباهاتك عَالمين بتقصيرهم وفى قُلُوبهم من حرارة الْحَسَد والغيظ مَا لَو كَانَ فى هاجرة وهى الأَرْض الشَّدِيدَة من حرارة الشَّمْس لذاب الجلمد وَهُوَ الصخر واستعارها قلبا لما ذكر قُلُوبهم وَقَوله لذاب من الْمُبَالغَة
26 - الْغَرِيب العلوج جمع علج وَهُوَ الغليظ الْجِسْم من الرّوم والأعجام وَالسَّيِّد الشريف الْعَظِيم الذى سوده قومه الْمَعْنى يَقُول لما نظرُوا إِلَيْك وَرَأَوا هيبتك وجموك وَأَنَّك سيد الْقَوْم لم يرَوا من حَولهمْ يُرِيد من ساداتهم وَلم يخْطر سيد لَهُم ببالهم فَقَالُوا هَذَا هُوَ السَّيِّد وَقد شغلوا بِالنّظرِ إِلَيْك عَن النّظر إِلَى غَيْرك فصاروا كَأَنَّهُمْ لَا يرَوْنَ أحدا سواك من الْقَوْم الَّذين حَولهمْ وَرَأَوا مِنْك مَا دلهم على سيادتك فَقَالُوا هَذَا هُوَ السَّيِّد والعلوج عَنى بهم قادة الرّوم وهم الْأُمَرَاء وحجاب الْمُلُوك

الصفحة 334