كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 1)

- الْمَعْنى يَقُول بقيت بَينهم مُفردا إِذْ لم يعتقدوا سيدا سواك لأَنهم لم ينْظرُوا إِلَّا إِلَيْك قَالَ أَبُو الْفَتْح كنت وَحدك مثلهم كلهم لِأَن أَبْصَارهم لم تقع إِلَّا عَلَيْك وشغلت وَحدك أَبْصَارهم فَقُمْت مقَام الْجَمَاعَة وَقَالَ الواحدى الْمَعْنى أَنهم لصغرهم فى جَنْبك كَأَنَّهُمْ لَا وجود لَهُم وَإِذا فقدوا كنت أَنْت كل من بذلك الْمَكَان ثمَّ حقق هَذَا الْمَعْنى بالمصراع الثانى وأتى بكاف التَّشْبِيه دلَالَة على أَن هَذَا تَمْثِيل لَا حَقِيقَة وَمعنى لَا وجودا هَذَا كَلَامه وَالْمعْنَى أَنَّك مُفردا مثلهم كلهم وَمثله لأبى نواس
(لَيْسَ عَلى اللهِ بِمُسْتَنْكِرٍ ... أَن يَجْمع العالمَ فى واحِدِ)

28 - الْإِعْرَاب لهفان حَال الْعَامِل فِيهِ بقيت ويستوبى يستفعل من الوباء وَأَصله الْهمزَة لكنه أبدل من الْهمزَة يَاء ضَرُورَة وَلَيْسَ تَخْفِيفًا قِيَاسا وَالْوَجْه يستوبى بِالْهَمْزَةِ وَبِك مُتَعَلق بيستوبى الْغَرِيب اللهف حرارة فى الْجوف من شدَّة كرب وَرجل لهفان وَامْرَأَة لهفى وَقوم لهاف والوباء هُوَ الْهَلَاك وَإِذا وَقع فى أَرض أهلك من فِيهَا وَنهى رَسُول الله
إِذا وَقع بِأَرْض أَن لَا يخرجُوا مِنْهَا وَإِذا سمع بِهِ فى أَرض فَلَا يقدم إِلَيْهَا وينهنهك أى يردك ويثنيك والحجا الْعقل والسودد السِّيَادَة والحلم الْمَعْنى يَقُول بقيت لهفان حَتَّى كَاد يهْلك الْغَضَب الذى بك الورى فيهلكهم لَوْلَا أَن يردك عقلك وحلمك وسيادتك فالغضب الذى بك كَانُوا يجدونه وباء لَهُم أى مهْلكا لَهُم لَوْلَا عقلك يردك عَن إهلاكهم
29 - الْمَعْنى يَقُول كن فى أى مَوضِع شِئْت من الْبِلَاد فَإنَّا نقصدك وَإِن بَعدت الْمسَافَة فَإِن الأَرْض وَاحِدَة وَأَنت أوحدها فَأَنت الذى تزار وتقصد دون غَيْرك قَالَ الواحدى قَالَ ابْن جنى فالأرض وَاحِدَة أى لَيْسَ علينا للسَّفر مشقة لإلفنا إِيَّاه قَالَ العروضى لَيْت شعرى أى مدح للممدوح فى أَن يألف المتنبى السّفر وَلَكِن الْمَعْنى يَقُول الأَرْض الَّتِى نرَاهَا لَيْسَ أَرض غَيرهَا وَأَنت أوحدها لَا نَظِير لَك فى جَمِيع الأَرْض وَإِذا كَانَ كَذَلِك لم يبعد السّفر إِلَيْك وَإِن طَال لعدم غَيْرك مِمَّن يقْصد ويزار

الصفحة 336