كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 1)

- الْغَرِيب الصَّعِيد التُّرَاب وَقَالَ ثَعْلَب وَجه الأَرْض وكل مَا كَانَ على وَجه الأَرْض كالتراب والرمل والسبخ وَالْملح وَبِه قَالَ مَالك وَأَبُو حنيفَة يجوز التَّيَمُّم بِهَذَا وَقَالَ الشافعى لَا يجوز التَّيَمُّم إِلَّا بِالتُّرَابِ الذى لَا يخالطه رمل وَهُوَ عِنْده الصَّعِيد وبسمر يُرِيد الرماح الْمَعْنى يُرِيد أَنه وَجه إِلَى حلب عسكرا ورماحا تريق دِمَاء الْأَعْدَاء على وَجه الأَرْض وفى رِوَايَة نواصى الْجِيَاد
12 - الْإِعْرَاب وبيض عطف على قَوْله وَسمر الْمَعْنى قَالَ الواحدى يُرِيد كَثْرَة انتقالها من الرّقاب إِلَى الغمود وَمن الغمود إِلَى الرّقاب وَذَلِكَ لِكَثْرَة حروبه وغزواته فَلَيْسَتْ لَهَا إِقَامَة فى شئ مِمَّا ذكره فَهَذَا جعلهَا مسافرة وَلَيْسَ يُرِيد بمسافرتها مسافرة الممدوح وَأَنَّهَا مَعَه فى أَسْفَاره لِأَنَّهُ نفى إِقَامَتهَا فى الرّقاب وفى الغمود فمسافرتها تكون بَين الرّقاب وَبَين الغمود كَمَا يُقَال فلَان مُسَافر أبدا مَا يُقيم بمرو وَلَا بنيسابور فَذكر البلدين دَلِيل على أَنه مُسَافر بَينهمَا وَلَيْسَ يُرِيد انتقالها من رَقَبَة إِلَى رَقَبَة كَمَا قَالَ ابْن جنى وَغَيره وَلَا من غمود إِلَى غمود بل يُرِيد أَنَّهَا مستعملة فى الحروب فَتَارَة تكون فى الرّقاب غير مُقِيمَة لِأَن الْحَرْب لَا تدوم ثمَّ تنْتَقل مِنْهَا إِلَى الغمود وَلَا تقيم فِيهَا أَيْضا لما يعرض من الْحَرْب
13 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فى يقدن لما ذكر من الرماح والجياد وَالسُّيُوف الْغَرِيب الْجَيْش الْعَسْكَر الْعَظِيم وجيش فلَان الجيوش إِذا جمع العساكر الْمَعْنى يَقُول هَذِه الْمَذْكُورَات سَبَب فنَاء أعدائه وَإِن كَثُرُوا فهى تفنيهم
14 - الْغَرِيب الخرشنى نِسْبَة إِلَى خرشنة بَلْدَة من بِلَاد الرّوم والأشياع الأتباع المطيعون وَالشَّاء جمع شَاة وَإِنَّمَا قَالَ أحس على لَفظه لَا مَعْنَاهُ فلفظه لفظ الْوَاحِد وزأر الْأسد صَوته والإحساس الْعلم بالشئ الْمَعْنى ولى إِذا أدبر باشياعه أى وَمَعَهُ جُنُوده كَمَا تَقول خرج بثيابه وَركب بسلاحه أَي وعه ثِيَابه وسلاحه كالغنم إِذا سَمِعت صَوت الْأسد ولت هاربة لَا نَدْرِي غلى ايْنَ ذهب الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي يرَوْنَ للخرشني وَأَتْبَاعه ويرون الرِّوَايَة الصَّحِيحَة بِضَم الْيَاء من الظَّن لِأَن مَا ذكره ظن وَلَيْسَ بِعلم وَقَالَ الواحدي من رُوِيَ بِفَتْح الْيَاء فَهُوَ غالط الْغَرِيب الذعر الْخَوْف والفزع وذعرته أذعره ذعرا أفزعته وَالِاسْم الذعر بِالضَّمِّ وَقد ذعر فَهُوَ مذعور وَامْرَأَة ذعور تذْعَر من الربية وناقة ذعور إِذا مس ضرْعهَا غارت الْمَعْنى يَقُول الخرشنى وَأَتْبَاعه لما هربوا من الممدوح كَانُوا يظنون من خوفهم صَوت الرِّيَاح صَهِيل الْخُيُول وخفق البنود وهى الْأَعْلَام وَهَذَا من قَول جرير
(مَا زِلت تحسَب كلّ شئ بعدهمْ ... خَيْلا تكرُّ عليكمُ ورِجالا)

16 - الْإِعْرَاب من اسْتِفْهَام مَعْنَاهُ الْإِنْكَار أى لَا أحد مثله الْمَعْنى يَقُول لَيْسَ كالأمير أحد فى النَّاس وَلَا كآبائه وأجداده وَقَالَ ابْن بنت الْأَمِير لِأَن جده لأمه كَانَ أَمِيرا كَبِيرا فَلهَذَا نسبه إِلَيْهِ لشرف أمه كَقَوْل أَبى نواس
(أَصبَحت يَا بن زُبيدةَ ابنةِ جعفرٍ ... )

17 - الْغَرِيب المعالى جمع عَلَاء وَهُوَ الِارْتفَاع يُقَال علا فى الْمَكَان يَعْلُو علوا وعَلى فى الشّرف بِالْكَسْرِ يعلى عَلَاء وَيُقَال أَيْضا علا بِالْفَتْح يعلى وصبية جمع صبى والمهود جمع مهد وَهُوَ السرير الذى يوضع فِيهِ الطِّفْل الْمَعْنى يَقُول ورثوا السِّيَادَة عَن آبَائِهِم فَحكم لَهُم بالجود والسيادة وهم أَطْفَال على مَا عهد من أجدادهم وآبائهم
18 - الْإِعْرَاب روى أَبُو الْفَتْح وَمن شَأْنه جعله جارا ومجرورا فعلى هَذِه الرِّوَايَة يكون خبر مُبْتَدأ تقدم عَلَيْهِ وَمن رَوَاهُ وَمن بِفَتْح الْمِيم جعله اسْما بِمَعْنى الذى وَيكون مَوْضِعه نصبا مَعْنَاهُ وأدعو الذى شَأْنه وَيكون هبات على هَذَا خبر شَأْنه الْغَرِيب عتق وَضعه فى مَوضِع الْإِعْتَاق لِأَنَّهُ إِذا أعتق حصل الْعتْق يُقَال عتق العَبْد يعْتق عتاقة وَهَذَا من قَوْله تَعَالَى {يخرج مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤ والمرجان} فى قِرَاءَة الْجَمَاعَة سوى نَافِع وأبى عَمْرو فَإِنَّهُمَا بنياه لما لم يسم فَاعله وَالْجَمَاعَة جعلُوا لَهما الْخُرُوج وَذَلِكَ لِأَنَّهُمَا لما أخرجَا خرجا فَقَالَ يخرج الْمَعْنى يَقُول يَا من ملك نفسى عبودية وَيَا من شَأْنه أَن يهب الْفضة وَيعتق العبيد دعوتك

الصفحة 344