كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 1)

- الْغَرِيب الْهَام جمع هَامة وهى الرَّأْس والهيجاء من أَسمَاء الْحَرْب تمد وتقصر الْمَعْنى يُرِيد أَن الرَّأْس فى الْحَرْب كالعيون وَجعل سيوفه كالرقاد قَالَ ابْن جنى يُرِيد أَن سيوفك أبدا تألفها كَمَا تألف الْعين النّوم وَالنَّوْم الْعين وَقَالَ العروضى لَا تُوصَف السيوف والرءوس بالألفة وَإِنَّمَا أَرَادَ تغلبها كَمَا يغلب الْعين وَالسُّيُوف تنساب فى الهامة انسياب النّوم فى الْعين وَقَالَ الواحدى سيوفه لَا تقع إِلَّا على الْهَام وَلَا تحل إِلَّا الرُّءُوس كالنوم فَإِن مَحَله من الْجَسَد الْعين يقبض الْعين فيحلها وَيدل على صِحَة هَذَا قَوْله
(وَقد صغت ... الخ ... )
وَقَالَ الْخَطِيب سيوفك كالرقاد فَلَا تمنع مِنْهُ الْعُيُون بل تطرأ عَلَيْهَا أحبت أم كرهت
21 - الْغَرِيب الأسنة جمع سِنَان ويخطران يجوز ضم الطَّاء وَكسرهَا فَمن ضم أَرَادَ الهموم وَمن كسر أَرَادَ الرماح قَالَ أَبُو الْفَتْح الْكسر أبلغ إِذا أَرَادَ الأسنة وَالضَّم أحسن فى صناعَة الشّعْر الْمَعْنى يَقُول أسنتك لَا تقع إِلَّا فى قُلُوب أعدائك كَأَنَّهَا الهموم لِأَن محلهَا الْقُلُوب وَقَوله
(من هموم ... )
من أحسن الْكَلَام وفى غَايَة الْحسن قَالَ الواحدى هَذَا أبلغ من أَن يُقَال الهموم تألف الْقُلُوب أَو تغلبها أَو تدخل فِيهَا قَالَ وَهَذَا مَنْقُول من قَول الطائى
(كأنَّهُ كانَ تِرْبَ الحُبّ مُذْ زَمَنٍ ... فلَيْسَ يَحْجُبُهُ خِلْبٌ وَلَا كَبِدُ)
انْتهى كَلَامه وَقد قَالَ هَذَا الْمَعْنى جمَاعَة مِنْهُم مَنْصُور النمرى
(وكأنَّ مَوْقِعَه بجُمْجُمَةِ الفَتَى ... سُكْرُ المُدَامَةِ أَو نُعاسُ الهاجعِ)
وَقَالَ مهلهل
(الطَّاعِنُ الطَّعْنَةَ النَّجْلاءِ تحسِبُها ... نَوْما أَنَاخَ بجفنِ العينِ يُغْفِيها)

(بلَهْذَمٍ مِنُ هُمومِ النَّفْسِ صيغتُه ... فليسَ ينْفَكُّ يَجْرِى فى مجاريها)
وَقَالَ عبد الله بن المعتز
(إنَّ الرّماحَ الَّتِى غَذّيتها مُهَجا ... مُذْ مِتَّ مَا وَردتْ قَلْبا وَلَا كَبِدا)
وَبَيت أَبى الطّيب مَنْقُول من قَول دعبل بن على الخزاعى فى على عَلَيْهِ السَّلَام
(كأنَّ سِنانَه أبدا ضميرٌ ... فلَيْسَ لَهُ عَن القَلْبِ انْقِلابُ)

(وَصَارِمَهُ كَبَيْعَته بخُمٍّ ... فَمَوْضِعُها مِنَ النَّاسِ الرّقابُ)

الصفحة 360