كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 1)

- الْمَعْنى يُرِيد انهم مَاتُوا خوفًا مِنْك قبل الْمَوْت المحتوم فَلَمَّا عَفَوْت عَنْهُم ومننت عَلَيْهِم أعدتهم قبل الْمعَاد الْمَوْعُود وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة فَجعل عَفوه عَنْهُم بعد الْغَضَب بِمَنْزِلَة الْإِحْيَاء لَهُم وَهَذَا مَنْقُول من قَول أَبى تَمام
(مَعادُ المَوْت مَعْرُوفٌ وَلَكِنْ ... نَدَى كَفَّيك فى الدُّنْسا مَعادِى)

32 - الْمَعْنى يَقُول سللت عَلَيْهِم سيوفا فَلَمَّا عَفَوْت عَنْهُم غمدتها وغمد وأغمد لُغَتَانِ وَلَو لم يتوبوا وينقادوا لَك لمحوتهم محو المداد وَهَذَا // معنى حسن //
33 - الْغَرِيب الطريف المستحدث والتلاد الْقَدِيم الْمَعْنى يَقُول الْغَضَب الْحَادِث لَا يغلب الْكَرم الْقَدِيم وَإِن كَانَ قَوِيا لِأَن الطَّارِئ لَا يكون كالقديم والموروث
34 - الْغَرِيب الموالى جمع الْمولى وَهُوَ الولى وأفئدة جمع فؤاد الْمَعْنى يَقُول ألسنتهم تظهر لَك الْمَوَدَّة وَقُلُوبهمْ تظهر لَك الْعَدَاوَة يَقُول لَهُ لَا تغتر بذلك فَإِن تِلْكَ الْأَلْسِنَة الَّتِى تظهر لَك الْمحبَّة تقلبهن الأفئدة الَّتِى تخفى عَنْك الْعَدَاوَة وتضمرها
35 - الْغَرِيب رثى يرثى إِذا رحم والصادى العطشان الْمَعْنى يَقُول كن كالموت فظا غليظا لَا يرحم الباكى إِذا بَكَى من خَوفه ويروى بِمَا يشرب وَهُوَ مَعَ ذَلِك عطشان لِحِرْصِهِ على الإهلاك وَقَالَ أَبُو الْفَتْح كَأَنَّهُ لطلبه للشُّرْب بعد الرى صَاد أى لطلب النُّفُوس وَمعنى يرْوى ينَال مَا لَو أدْركهُ لروى وفى مَعْنَاهُ
(كالموْتِ ليسَ لهُ رِىّ وَلَا شِبَعٌ ... )

39 - الْغَرِيب نفر الْجرْح إِذا ورم بعد الْجَبْر الْمَعْنى يَقُول إِنَّهُم يطوون لَك الْعَدَاوَة إِلَى أَن تمكنهم الفرصة فَلَا تبقهم وَقَوله إِذا كَانَ الْبناء على فَسَاد يُرِيد إِذا نبت اللَّحْم على ظَاهره وَله غور فَاسد وَهَذَا من قَول البحترى
(إذَا مَا الجُرْحُ رُمَّ عَلى فَسادٍ ... تَبَيَّنَ فِيهِ تفريطُ الطَّبِيبِ)
وَهَذَا مَأْخُوذ من قَول الْحَكِيم إِذا كَانَ الْبناء على غير قَوَاعِد كَانَ الْفساد أقرب إِلَيْهِ من الصّلاح // وَهَذَا من أحسن الْكَلَام //
37 - الْغَرِيب الجماد يُرِيد الصخر والزناد هُوَ الزند الذى يقْدَح بِهِ النَّار الْمَعْنى يَقُول إِن الْعَدَاوَة كامنة فى الْفُؤَاد كمون النَّار فى الزِّنَاد وَالْمَاء فى الجماد وَهَذَا كَقَوْل نصر بن سيار
(وإنَّ النَّارَ بالزَّنْدَيْنِ تُوْرَى ... وَإنّ الفِعْلَ يَقْدُمُه الكَلامُ)
وَقَالَ أَبُو الْفَتْح الْأَشْيَاء تكمن وتستتر فَإِذا استترت ظَهرت
38 - الْغَرِيب القتاد شجر لَهُ شوك وَهُوَ الْأَعْظَم وفى الْمثل من دونه خرط القتاد فَأَما القتاد الْأَصْغَر فَهُوَ الذى ثَمَرَته نفاخة كنفاخة الْعشْر الْمَعْنى يَقُول خوف الجبان مِنْك يمنعهُ النّوم كَأَنَّك قد فرشت لجنبه شوك القتاد يُرِيد بالجبان عدوه
39 - الْغَرِيب السهاد امْتنَاع النّوم بِاللَّيْلِ وَلَا يُسمى الْمُتَصَرف فى النَّهَار ساهدا الْمَعْنى يَقُول الْعَدو الذى يخافك إِذا نَام رآك فى نَومه كَأَنَّك قد طعنت كليتيه برمحك فَهُوَ يخَاف أَن يرى ذَلِك وَهُوَ مستيقظ وَهَذَا مَنْقُول من قَول أَشْجَع السلمى
(وَعَلى عَدُوّكَ يَا بنَ عَمّ مُحَمَّدٍ ... رَصَدانِ ضَوْءُ الصُّبْحِ وَالإظْلامُ)

(فَإِذا تَنَبَّهَ رُعْتَهُ وَإذَا غَفا ... سَلَّتْ عَلَيْهِ سُيُوفَكَ الأحْلامُ)
وَذكر المتنبى السهاد للقافية وَالْمرَاد الْيَقَظَة ليقابل بَين الضدين
40 - الْمَعْنى يُرِيد يَا أَبَا الْحُسَيْن وَهُوَ كنية الممدوح مدحت قوما أَشرت بهم فرحت عَنْهُم بِغَيْر شئ حَتَّى إِنَّهُم لم يزودونى شَيْئا عِنْد رحيلى عَنْهُم

الصفحة 363