كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 1)

- 1 - الْإِعْرَاب أم الأولى مُتَّصِلَة معادلة للهمزة على معنى أى كَأَنَّهُ قَالَ أى هذَيْن نرى فَهُوَ الْآن مُدع وُقُوع أَحدهمَا لَا محَالة فَجرى ذَلِك مجْرى قَوْلك أزيدا ضَربته أم عمرا أى لست أَشك فى ضربك أَحدهمَا وَلَكِن أَيهمَا هُوَ وَأم الثَّانِيَة مُنْقَطِعَة من الْهمزَة وهى للتحول من شئ إِلَى شئ فَكَأَنَّهُ قَالَ بل الْخلق فى شخص حى أُعِيد فالخلق رفع بِالِابْتِدَاءِ وأعيد خَبره الْغَرِيب الْحلم النّوم وَالْجمع أَحْلَام الْمَعْنى لما رأى حسن الزَّمَان بِهَذَا الممدوح تعجب من ذَلِك فَقَالَ أَهَذا الذى نرَاهُ مَنَام أم زمَان جَدِيد غير مَا نعهده وَانْقطع الِاسْتِفْهَام فَقَالَ بل الْخلق الذى مَاتُوا من قبل أعيدوا فى رجل وَاحِد لِأَنَّهُ قد جمع مَا كَانَ لَهُم من المناقب والمعالى والفضائل والمكارم وَهَذَا كَقَوْل أَبى نواس
(وَلَيْسَ على اللهِ بِمُسْتَنْكَرٍ ... أنْ يَجْمَعَ العالَمَ فىِ وَاحِدِ)

2 - الإعرب أَضَاء يكون لنا مُتَعَدِّيا ولازما الْمَعْنى يَقُول لما ظهر هَذَا الممدوح سرنا فى ضوئه وبأنواره فصرنا مثل النُّجُوم الَّتِى تسعد ببروجها
3 - الْغَرِيب الْوَلُود الْوَالِد والوليد الْمَوْلُود والبدر الأول هُوَ بدر بن عمار والبدران الْآخرَانِ قمران الْمَعْنى قَالَ الواحدى رَأينَا بِرُؤْيَة بدر وآبائه وَالِد الْقَمَر وقمرا مولودا جعله فى الضياء وَالْحسن والشهرة والعلو كَالْقَمَرِ وَالْقَمَر لَا يكون مولودا وَلَا والدا فَجعله كَالْقَمَرِ الْمَوْلُود وأباه كالوالد للقمر وعنى بالبدرين الآخرين قمرين وَلَو أَرَادَ بهما اسْم الممدوح لم يكن فِيهِ مدح وَلَا صفة قَالَ وَيُقَال الْإِشَارَة فى هَذَا أَن الممدوح فِيهِ معانى البدور من الضَّوْء وَالْحسن والكمال لَا معانى بدر وَاحِد وَقَالَ أَبُو الْفَتْح رَأينَا هَذَا الممدوح وأباه قد ولد مِنْهُ قمر فى الْحسن فَكَأَنَّهُ قد صَار للقمر والدا ورأينا من هَذَا الممدوح قمرا وليدا وَهَذَا أحسن وَالْقَمَر لَا يكون والدا وَلَا مولودا حَقِيقَة وَلكنه أَرَادَ الإغراب وَحسن الصَّنْعَة فَكَأَنَّهُ قَالَ أَنْت قمر وَأَبُوك أَبُو الْقَمَر

الصفحة 366