كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 1)

- 1 - الْإِعْرَاب يجوز فى أَكْثَره الحركات الثَّلَاث فالرفع على أَن يكون بله بِمَعْنى كَيفَ كَمَا تَقول كَيفَ زيد وَالنّصب على أَن يكون بله بِمَعْنى دع وَهُوَ أَجود الثَّلَاث والجر على أَن بله بِمَعْنى الْمصدر فإضافتها إِلَى أَكْثَره كَقَوْل تَعَالَى {فَضرب الرّقاب} وَقيل هى اسْم سمى بهَا الْفِعْل وَمَعْنَاهُ دع كَمَا قَالُوا صه بِمَعْنى اسْكُتْ ومه بِمَعْنى لَا تفعل وَقَالَ قوم بله لَو كَانَ مصدرا لوجد فعله وَلَيْسَ يعرف لَهُ تصرف وَهُوَ بِمَنْزِلَة صه ومه وَقد جَاءَت مصَادر لَا أَفعَال لَهَا نَحْو ويل وويح الْغَرِيب الْجد الْحَظ الْمَعْنى قَالَ الواحدى معنى المصراع الأول من هَذَا الْبَيْت إنى لَا أفعل شَيْئا إِلَّا ومغزاى الْمجد وإياه أطلب وَلَو صرح بِالْأَقَلِّ لقَالَ نومى وأكلى وشربى للمجد وَلَو صرح بِالْأَكْثَرِ لقَالَ تغريرى بنفسى وركوبى المهالك وشهودى الْحَرْب كُله مجد أى لأجل الْمجد وتحصيله يَقُول إِذا عرفت كَون الْأَقَل مجدا أَغْنَاك ذَاك عَن تعرف الْأَكْثَر وَقَوله {ذَا الْجد} مَعْنَاهُ أَن الْجد فى طلب الْمجد جد معجل لِأَن اسْتِعْمَال الْجد فى الْأُمُور جد لِأَنَّهُ يسْتَمر عَادَة بِاسْتِعْمَال الْجد فى الْأُمُور وَقَالَ أَبُو الْفَتْح أَي فَلَو لم يكن عندى غير هَذَا الْجد فى أمرى وَترك التوانى لقد كَانَ جدا لى وَذَا الْجد الذى أَنا عَلَيْهِ من أمرى فِيهِ حَظّ نلْت مَا أطلبه أولم أنله
2 - الْغَرِيب مَشَايِخ جمع شيخ وَكَذَا مشيخة ومشيخة بِسُكُون الشين وَكسرهَا وأشياخ وشيوخ واللثام مَا يَجْعَل على الْوَجْه من فَاضل الْعِمَامَة الْمَعْنى يَقُول سأطلب حقى يُرِيد أَنه يطْلب حَقه بِنَفسِهِ وَبِغَيْرِهِ فكنى عَن نَفسه بالقنا والمشايخ عَن أَصْحَابه وَأَرَادَ أَنهم محنكون مجربون فَلذَلِك جعلهم مَشَايِخ وَأَرَادَ أَنهم لَا يفارقون الْحَرْب فَلهَذَا لَا يُفَارِقهُ اللثام فكأنهم مرد حَيْثُ لم تَرَ لحاهم كَمَا لَا ترى لحى المرد
3 - الْإِعْرَاب ثقال بدل من قَوْله مَشَايِخ وَمَا بعده نعت لَهُ الْمَعْنى يَقُول هم ثقال لشدَّة وطأتهم على الْأَعْدَاء أَو لثباتهم عِنْد الملاقاة وخفاف يخفون إِذا دعوا للنجدة وَلَا يتثاقلون عَن النُّصْرَة وَكثير إِذا شدوا أى يَفْعَلُونَ أفعالا كَثِيرَة فيسد الْوَاحِد مسد الْألف وهم على قلتهم يكفون كِفَايَة الدهم الْعَظِيم وَقَالَ أَبُو القتح وَصفهم بالقلة لأَنهم إِذا انتصفوا من أعدائهم وغلبوهم فى قلَّة عَددهمْ فَهُوَ أَفْخَر لَهُم من الْكَثْرَة

الصفحة 373