كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 2)

- الْمَعْنى يَقُول من بلغ وَحل فى الْفَضَائِل محلك واشتهر بالشجاعة اشتهارك فتواضعت الشَّمْس عَن مَوْضِعه وَقصر محتدها عَن محتده فَلم يبْق لَهُ فى الشّرف غَايَة يبلغهَا فترفعه وَلَا للعيب سَبِيل إِلَيْهِ فيضعه أى لم يكن للنِّهَايَة مَحل يرْتَفع إِلَيْهِ فَلَا يرْتَفع بنصرة أحد وَلَا يتضع بخذلانه لِأَن قدره فَوق كل قدر وشجاعته فَوق كل شجاعة وَفِيه نظر إِلَى قَول زُهَيْر
(لوْ كانَ يقعُدُ فوْق الشَّمسِ مِنْ كَرَمٍ ... قَوْمٌ بآبائهِ أوْ مَجْدِهِمْ قَعَدُوا)
وفى عَجزه نظر إِلَى قَول أَبى دلف
(فَمَا تَرْفَعُنِى حالٌ ... وَلا تَخْفِضُنِى حالُ ... )

41 - الْغَرِيب الْكر الْإِقْدَام فى الْحَرْب مُدَّة بعد أُخْرَى والأعقاب جمع عقبَة والشيع الأشياع وهم جمع شيعَة يُقَال شيع وشيعة وأشياع وَمن شيعَة الإِمَام على عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ الْكُمَيْت
(وَما لِىَ إِلَّا آلَ أحْمَدَ شِيعَةٌ ... وَما لِىَ إلاَّ مَذْهَبَ الحَقّ مَذْهَبْ)
الْمَعْنى يَقُول إِذا أفرده أَصْحَابه فى هَذَا الْيَوْم لم تسلمه شجاعته وإقدامه فى الْأَعْدَاء بل امْتنع بإقدامه وَكره على أعدائه وَقيل الأعقاب جمع عقب بِمَعْنى الآخر وَمثله للطائى
(مَا غابَ عَنْهُ مِنَ الإِقْدَامِ أشْرَفُهُ ... فِى الرَّوْعِ إنْ غابَتِ الأنْصَارُ والشِّيَعُ)

42 - الْغَرِيب الدنئ الخسيس وَهُوَ مَهْمُوز قَالَ أَبُو الْفَتْح قلت لَهُ عِنْد الْقِرَاءَة عَلَيْهِ أأهمزه قَالَ لَا تهمزه فَقلت لَهُ هُوَ من بَاب المهموز فَقَالَ أَلا ترى الْإِجْمَاع على قَوْله تَعَالَى {أتستبدلون الى هُوَ أدنى بالذى هُوَ خير} بترك الْهمزَة وَقَالَ الشَّاعِر عبيد الله بن الْحر
(وَما أَنا بالدَّانِى فآتِى دَنِيَّةً ... وَلَكِنَّنِى يُزْرِى بِىَ الدَّهْرُ عامِرُ)
فجَاء بِهِ غير مَهْمُوز وطمع مصدر وَقَالَ أَبُو زيد رجل طمع وَقوم طماعى وطمعاء وطمعون وأطماع الْمَعْنى يَقُول ليتهم يُعْطون الشُّعَرَاء على أقدارهم فى الِاسْتِحْقَاق بفضلهم وعلهم فَلَو كَانُوا هَكَذَا مَا طمع فى عطائهم خسيس وَهُوَ تَعْرِيض بِأَنَّهُ يسويه مَعَ غَيره مِمَّن لَا يماثله فى الْفضل

الصفحة 232