كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 2)
- الْغَرِيب حبيك الْبيض أى الطرائق الَّتِى فى السيوف وَأَصله فى السَّمَاء وَإِنَّمَا هُوَ فى السَّيْف اسْتِعَارَة الْوَاحِدَة حبيكة الْمَعْنى يَقُول رضيت من الشُّعَرَاء بِالنّظرِ إِلَى قتالك وَالِاسْتِمَاع إِلَى قراعك لَا غير من غير أَن يباشروا الْقِتَال وَأَنا أباشر الْقِتَال وأضرب مَعَك بِالسَّيْفِ دون غيرى مِمَّن يصحبك من الشُّعَرَاء
44 - الْمَعْنى يَقُول من لم يصدقك بقوله فقد غشك فَإِنَّهُ يظْهر لَك الشجَاعَة والجبن عِنْده وَيظْهر لَك الْجلد والضعف حَقِيقَته فَهُوَ يتعاطى مَا لَيْسَ عِنْده وَأَرَادَ أَن يفرد الْمَنْفَعَة بِالصّدقِ ليَصِح معنى الْبَيْت قَالَ ابْن وَكِيع لَو قَالَ
(من كَانَ مِنْك بِغَيْر الصدْق ... )
لسلم من الِاعْتِرَاض وَقَالَ الواحدى معنى الْبَيْت يَقُول من لم يصدقك فقد غشك وَالْمعْنَى إنى قد صدقتك فِيمَا ذكرت لأنى لَو لم أصدقك كنت قد غششتك قَالَ وَيجوز أَن يكون الْمَعْنى إِن من غشك بتخلفه عَنْك فقد أباحك أَن تغشه فى معاملتك إِيَّاه وَجعل مَا يَفْعَله سيف الدولة غشا لِأَنَّهُ جَزَاء الْغِشّ وَقَوله على هَذَا
(بِغَيْر الصدْق ... )
أى بِغَيْر صدق الله اللِّقَاء يعْنى بِالنّظرِ وَالسَّمَاع وَهُنَاكَ معنى آخر وَهُوَ أَنه يَقُول لَهُ لقد غشك من انتفاعك مِنْهُ بِغَيْر الصدْق يعْنى الشّعْر الذى أحْسنه أكذبه دون الْحَرْب هَذَا كَلَامه
45 - الْغَرِيب المصطاف والمرتبع الْمنزل فى الصَّيف وَالربيع الْمَعْنى يَقُول الدَّهْر معتذر إِلَيْك مِمَّا غدر بك فى قتل الرّوم الضُّعَفَاء من أَصْحَابك وَالسيف منتظر كسرتك عَلَيْهِم فيشفيك مِنْهُم وأرضهم لَك منزل صيفا وربيعا وصدره من قَول الطائى
(عَضْبا إذَا سَلَّهُ فِى وَجْهِ نائِبَةٍ ... جاءَتْ إلَيْهِ صُرُوفُ الدَّهْرِ تعتَذِرُ)
وعجزه من قَول الطائى أَيْضا
(وأقَمْتَ فِيها وَادِعا مُتَمَهِّلاً ... حَتَّى ظَنَنَّا أنَّها لَكَ دَارُ)
46 - الْغَرِيب نصران ونصرانى وَاحِد ونصرانية تأنيثه وهم قوم منتسبون إِلَى ناصرة قيل هى مَدِينَة وَقيل هى مَوضِع والأعصم الوعل الذى فى إِحْدَى يَدَيْهِ بَيَاض وفى رجلَيْهِ والصدع الوعل بَين الوعلين لَا بالمسن وَلَا بالصغير الْمَعْنى يَقُول النَّصَارَى اعتصامهم بجبالهم وهى لَا تعصمهم وَلَا تحميهم وَلَو أَن أوعالها تنصرت واحتمت بهَا مِنْهُ لم تحمها وَلم تمنعها مِنْهُ
الصفحة 233