كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 2)
- الْإِعْرَاب الْبَاء مُتَعَلقَة بِمَحْذُوف تَقْدِيره أفديها بِمَا بَين جنبى يُرِيد روحه وَقَالَ ابْن القطاع يُرِيد هى مُطَالبَة بتلاف روحى الَّتِى بَين جنبى الْغَرِيب الدياجى جمع ديجوج وَالْقِيَاس دياجيج إِلَّا أَنهم خففوا الْكَلِمَة بِحَذْف الْجِيم الْأَخِيرَة كمكوك ومكاك والخلى الخالى من الْهوى والهم وهجع نوم والهجوع النّوم لَيْلًا والتهجاع النومة الْخَفِيفَة قَالَ أَبُو قيس بن الأسلت
(قَدْ حَصَّتِ البَيْضَةُ رأسِى فَمَا ... أطْعَمُ نَوْما غَيْرَ نَهْجاعِ)
والهجعة النومة الْخَفِيفَة أَيْضا الْمَعْنى يَقُول بِمَا بَين جنبى يُرِيد نَفسه وَمِنْه قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام
(أعدى عَدو لَك الَّتِى بَين جنبيك ... )
يُرِيد النَّفس أى أفدى بنفسى الحبيبة الَّتِى خَاضَ طيفها إِلَى فَقطع الظلمَة حَتَّى وافانى والخليون من الْمحبَّة نوم فَإِن قيل فقد كَانَ هُوَ نَائِما حَتَّى رأى طيفها قُلْنَا يجوز أَن تكون غلبته نومَة خَفِيفَة فَرَأى طيفها لِأَنَّهُ إِذا كَانَ فى الْيَقَظَة لَا يَخْلُو قلبه من ذكرهَا وخيالها فَلَمَّا غلبته النعسة رَآهَا وَأَرَادَ بهجع أَنهم نوم كل اللَّيْل فهم لَا يعْقلُونَ وَلَا هم مزعج من الْمحبَّة يمنعهُم الْمَنَام كَمَا يمنعهُ فَلم يبْق فى الْكَلَام تضَاد لِأَن بَين نومهم ونومه فرقا كَبِيرا
6 - الْإِعْرَاب زَائِرًا جال وَقَالَ الربعى هُوَ مفعول أَتَت وَهُوَ // حسن // إِذا أمكن أَن يكون المتنبى زَائِرًا لَا مزورا لِأَنَّهُ الذى يأتى بالطيف لشدَّة تفكره فى الْيَقَظَة حَتَّى إِنَّه إِذا أغفى يرى الطيف فَكَأَنَّهُ هُوَ الزائر وَقَالَ الواحدى قيل هُوَ من الزئير وَقيل هُوَ نعت لمَحْذُوف أى أَتَت خيالا زَائِرًا وَذكره لِأَنَّهُ أَرَادَ الطيف الْغَرِيب خامره خالطه ولصق بِهِ يتضوع يفوح وَقيل يتفرق الْمَعْنى يَقُول زارت وهى لم تتعطر بِطيب وَلَا لصق بهَا وكالمسك أى يفوح من ثِيَابهَا كالمسك لِأَنَّهَا طيبَة الرَّائِحَة طبعا لَا تطبعا وَهُوَ مَنْقُول من قَول امْرِئ الْقَيْس
(ألَمْ تَرَيانِى كُلَّما جِئْتُ طارِقا ... وَجَدْتُ بِها طِيبا وَإنْ لَمْ تَطَيَّبِ)
أى لِأَن طيبها خلقَة فِيهَا لَا تتكلفه
الصفحة 237