كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 2)
- الْغَرِيب أعظمته إعظاما واستعظمته أكبرته واستكبرته والتاع احْتَرَقَ وَمِنْه لوعة الْحبّ واللوعة الحرقة الْمَعْنى يُرِيد أَنه استعظم خيالها لما رَآهَا فنفى نَومه عَنهُ وَاحْتَرَقَ فُؤَاده لفقد رؤيتها والضميران المؤنثان فى لَهَا وَبهَا يعودان على الحبيبة لِأَنَّهُ لما رأى خيالها والخيال هِيَ أنث على الْمَعْنى 9 - الْأَعْرَاب يُرِيد ماكان أطولها فَحذف لإِقَامَة الْوَزْن وَمثله قَول الْحصين ابْن حمام
(وَجاءَتْ جِحاشٌ قَضَّها بقَضِيضِها ... وَجمْعُ عَوَالٍ مَا أدَقَّ وألأَمَا)
يُرِيد مَا أدقهم وألأمهم الْغَرِيب الأفاعى جمع أَفْعَى وَهُوَ الْعَظِيم من الْحَيَّات الْمَعْنى يَقُول مَا كَانَ أطولها من لَيْلَة وهى الَّتِى فارقنى خيالها فِيهَا فتجرعت من مراراتها مَا يكون السم بِالْإِضَافَة إِلَيْهِ عذَابا // وَهَذَا مُبَالغَة //
10 - الْمَعْنى الزم الطَّاعَة والانقياد فى الْقرب والبعد وَارْضَ وَسلم لفعلها فَهَذَا من عَلامَة الْحبّ وَقد أكثرت الشُّعَرَاء من هَذَا الْمَعْنى فَمِنْهُ قَول أَبى نواس
(سنة العشاق وَاحِدَة ... فَإِذا أَحْبَبْت فاستكن) وَقَوله
(كُنْ إذَا أحْبَبْتَ عَبْداً ... لِلَّذِى تَهْوَى مُطِيعاَ)
(لَنْ تَنالَ الوَصْلَ حَتَّى ... تُلْزِمَ النَّفْسَ الخُضُوعا)
وَقد يُقَارِبه قَول البحترى
(وَتَذَلَّلْتُ خاضِعا لِمَلِيكِى ... وَقَلِيلٌ مِنْ عاشِقٍ أنْ يَذِلاَّ)
وَلَقَد أحسن الْعَبَّاس بن الْأَحْنَف بقوله
(تَحَمَّلُ عَظِيمَ الذَّنْبِ مِمَّنْ تَحِبُّهُ ... وَإنْ كُنْتَ مَظْلُوما فَقُلْ أَنا ظالِمُ)
(فإنَّكَ إنْ لم تَحْمِلِ الذَّنْبَ فِى الهَوَى ... يُفارِقْكَ مَنْ نَهْوَى وأنفُكَ رَاغِمُ)
الصفحة 238