كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 2)

- الْإِعْرَاب بذى كرم بدل من قَوْله
(بِهِ الله ... )
و (ذمَّة ... )
مَنْصُوب على التميز أوفى صفة مَحْذُوف تَقْدِيره على رَأس رجل أَو فى الْمَعْنى يَقُول مَا مر يَوْم وَلَا طلعت شمس على رجل أَو فى بِالذِّمةِ من هَذَا الممدوح إِشَارَة إِلَى أَنه أَكثر النَّاس وَفَاء وَأكْرمهمْ عهدا وَمثله
(مَلِكٌ لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ عَلى ... مِثْلِهِ أوْسَعَ شَيْئا وأعَمّ)

14 - الْإِعْرَاب قَالَ أَبُو الْفَتْح قَوْله
(لدنة ... )
فِيهِ قبح وشناعة وَلَيْسَ هُوَ مَعْرُوفا فى كَلَام الْعَرَب وَلَيْسَ يشدد إِلَّا إِذا كَانَ فِيهِ نون أُخْرَى نَحْو لدنى ولدنَا هَذَا كَلَامه وَقد يحْتَج لأبى الطّيب فَيُقَال شبه بعض النَّحْوِيين بَعْضهَا بِبَعْض فَكَمَا يُقَال لدنى يُقَال لَدنه بِحمْل أحد الضميرين على الآخر وَإِن لم يكن فى الْهَاء مَا يُوجب الْإِدْغَام من زِيَادَة نون قبلهَا كَمَا قَالُوا يعد فحذفوا الْوَاو لوقوعها بَين يَاء وكسرة ثمَّ قَالُوا أعد ونعد وتعد فحذفوا الْفَاء أَيْضا وَلَيْسَ هُنَاكَ مَا يُوجب حذفهَا وَيجوز أَن يكون ثقل النُّون ضَرُورَة كَمَا قَالُوا فى الْقطن الْقطن وفى الْجُبْن الْجُبْن وَأنْشد أَبُو زيد
(مِثْل الحِمارِ زَادَ فِى سَلْكَنْ 2 ... )
فَزَاد نونا شَدِيدَة وَأنْشد
(إنَّ شكْلى وَإنَّ شَكلَكِ شَتَّى ... فالْزَمى الخُصَّ وَاخفِضِى تبْيَضِضِّى)
فَزَاد ضادا وَقَالَ سحيم
(وَما قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى مَيْسَنا ... نَ مَعْجِبَةٌ نَظَراً وَاتِّصَافا)
أَرَادَ ميسَان فاضطر فَزَاد نونا وَقَالَ العبدى
(وَجاشَتْ مِنْ جِبالِ الصُّغْد نَفْسىِ ... وَجاشَتْ مِنْ جِبالِ خُوَارَزْمِ)
أَرَادَ خوارزم فغيرها وَقَالَ الجرجانى لما كَانَت الْهَاء خَفِيفَة وَالنُّون سَاكِنة وَكَانَ من حَقّهَا أَن تتبين عِنْد حُرُوف الْحلق حسن تشديدها لتظهر ظهورا شافيا فَهَذِهِ عِلّة وقرينة تحْتَمل للشاعر تَغْيِير الْكَلَام عِنْدهَا وَالنُّون أقرب الْحُرُوف إِلَى حرفى الْعلَّة الْوَاو وَالْيَاء لِأَنَّهَا تُدْغَم فيهمَا وتبدل مِنْهَا الْألف فى الْوَقْف إِذا كَانَت خَفِيفَة نَحْو يَا حرسى اضربا عُنُقه وَجعلت إعرابا فى الْأَفْعَال الْخَمْسَة نَحْو يفْعَلَانِ وَأَخَوَاتهَا كَمَا جعلت إعرابا فى التَّثْنِيَة وَالْجمع وتحذف إِذا كَانَت سَاكِنة لالتقاء الساكنين فى نَحْو اضْرِب الْغُلَام بِفَتْح الْبَاء فَلَمَّا حلت هَذَا الْمحل احتملت مَا تحتمله من الزِّيَادَة وحروف الْعلَّة أوسع الْحُرُوف تَصرفا وَلِهَذَا أَجَازُوا زِيَادَة الْيَاء فى الصياريف فى قَوْله
(تَنْفِى يَداها الحَصَى فِى كُلّ هاجِرَةٍ ... نَفْىَ الدرَاهِيمِ تَنْقادُ الصَّيارِيفِ)
وَزِيَادَة الْوَاو فى قَوْله
(مِنْ حَيْثُ مَا سَلَكُوا أدْنُوا فَأنْظُورُ ... )
يُرِيد فَأنْظر وَزِيَادَة الْألف فى منتزاح من قَوْله
(وأنْتَ مِنَ الغَوَائِلِ حِينَ تَرْمى ... وَمِنْ ذَمِّ الرّجال بِمُنْتَزَاحِ)
يُرِيد بمنتزح وَقد ذكرنَا لهَذَا التَّشْدِيد كل وَجه سديد كَمَا ذكرنَا الْعلَّة فى إدغام النُّون فى الْجِيم فى قِرَاءَة عبد الله بن عَامر وأبى بكر بن عَيَّاش فى كتَابنَا الموسوم الرَّوْضَة المزهرة فى شرح كتاب التَّذْكِرَة وَقَالَ أَبُو الْفَتْح اسْتعْمل لدن بِغَيْر من وَهُوَ قَلِيل وَلَا يسْتَعْمل إِلَّا مَعهَا كَمَا جَاءَ فى الْقُرْآن {من لدنى و (من لَدنه} {وَمن لدن حَكِيم عليم} وَقد غَابَ عَن أَبى الْفَتْح قَول الشَّاعِر فِيمَا أنْشدهُ يَعْقُوب
(فإنَّ الكُثْرَ أعْيانِى قَدِيما ... وَلمْ أُقْتِرْ لَدُنْ أّنى غُلامُ)
وَقَول الآخر
(ومَا زِلْتُ مِن لَيْلَى لَدُنْ أنْ عَرَفْتُها ... لَكالهَائمِ المُقْصَى بِكُلّ مُرَادِ)
وَقَول القطامى
(صَرِيعُ غَوَانٍ رَاقَهُنَّ وَرُقنَهْ ... لَدْنْ شَبَّ حَتَّى شابَ سُودُ الذَّوَائِبِ)
وَقَول الْأَعْشَى

الصفحة 240