كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 2)
- الْغَرِيب البراعات جمع براعة وهى الْكَمَال فى الفصاحة الْمَعْنى يَقُول كل لَفْظَة يتَلَفَّظ بهَا أصل من أصُول البراعة وهى كَمَال الفصاحة وَالنَّاس يبنون كَلَامهم عَلَيْهَا وَأَرَادَ تَجِد كل لَفْظَة من قَوْله فَحذف للْعلم بِهِ
23 - الْإِعْرَاب الْبَاء مُتَعَلقَة بِمَحْذُوف وهى فى مَوضِع رفع صفة لأسمر وأجرى أسمر مجْرى الْأَسْمَاء أَو صفة للقلم الذى أسمر صفته وَالْأول أولى وفصيح نعت لقَوْله فى الْبَيْت الْمُقدم
(أسمر عُرْيَان ... )
وَمثله قَول ابْن الرومى
(خِرْقٌ يَعُمُّ وَلا يُخَصُّ بِفَضْلِهِ ... كالغَيْثِ فِى الإِطْباقِ كُلَّ مَكانِ)
24 - الْإِعْرَاب الرِّوَايَة الصَّحِيحَة المَاء بِالرَّفْع وهى فَاعل يفنى قَالَ ابْن القطاع يفنى المَاء بِالنّصب أى يَتَّخِذهُ فنَاء يُقَال فنيت الْمَكَان وبالمكان إِذا أَقمت بِهِ والفعلان على رِوَايَة ابْن القطاع من يشتق ويفنى للحوت والضفدع الْغَرِيب الضفدع الفصيح بِكَسْر الضَّاد وَفتح الدَّال وَقد جَاءَ بِكَسْرِهَا وَهُوَ دويبة من دَوَاب المَاء مَعْرُوف والحوت مَعْرُوف الْمَعْنى يَقُول لَيْسَ بَحر جوده كبحر المَاء الذى يغوص فِيهِ الْحُوت والضفدع حَتَّى يبلغَا قَعْره وَإِنَّمَا هُوَ بَحر لَا نَفاذ لَهُ وَلَا يبلغ منتهاه يُرِيد أَنه لَا يَنْقَطِع جوده
25 - الْإِعْرَاب أبحر هُوَ اسْتِفْهَام مَعْنَاهُ الْإِنْكَار الْغَرِيب المعتفون السائلون عفاه واعتفاه إِذا أَتَاهُ سَائِلًا والزعاق الشَّديد الملوحة الْمَعْنى قَالَ الواحدى يُرِيد أَن يفضل الممدوح على الْبَحْر يَقُول لَيْسَ بَحر يضر من ورده بِالْغَرَقِ وَهُوَ مر الطّعْم لَا يُمكن شربه كبحر ينفع الواردين بالعطاء وَلَا يضرهم وَلَو قَالَ ينفع وَلَا يضر لَكَانَ حسنا حَتَّى لَا يتَوَهَّم نفى الضّر والنفع جَمِيعًا لكنه قدم لَا يضر لإِثْبَات القافية قَالَ ابْن جنى وَهَذَا فِيهِ قبح لِأَن الْمَشْهُور عِنْدهم أَن ينْسب الممدوح إِلَى الْمَنْفَعَة للأولياء والضر للأعداء كَقَوْل الشَّاعِر
(وَلكِنْ فَتى الفِتْيانِ مَنْ رَاحَ وَاغْتَدى ... لِضُرّ عَدُوّ أوْ لِنَفْعِ صَديقِ)
وكقول الآخر
(إذَا أنْتَ لَمْ تَنْفَعْ فَضُرَّ فَّإنَما ... يُرَجَّى الْفَتى كَيْما يَضُرَّ وَيَنْفَعا)
وَقَالَ أَبُو على بن فورجة أَبُو الطّيب قَالَ
(أبحر يضرّ المعتفين ... )
فخصص فِي المصراع الأول فَعلم من لَفظه أَنه أَرَادَ كبحر لَا يضر المعتفين لِأَنَّهُ خصص فى أول الْكَلَام وَلَا يكون آخر الْكَلَام خَارِجا عَن أَوله قَالَ الواحدى وَهُوَ على مَا قَالَ
الصفحة 245