كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 2)

- 1 - الْإِعْرَاب أَرَادَ ألجنية فَحذف همزَة الِاسْتِفْهَام وَقد جَاءَ مثله فى الشّعْر وَدلّ عَلَيْهَا قَوْله أم وَأنْشد سِيبَوَيْهٍ
(لَعَمْرُكَ مَا أدْرِى وَإنْ كَنْتُ دَارِيا ... شُعَيْثُ بنُ سَهْمٍ أمْ شُعَيثُ بنُ مِنقَرِ)
وَأنْشد لعمر بن ربيعَة
(فَوَاللهِ مَا أدْرِى وَإنْ كُنْتُ دَارِيا ... بِسَبْعٍ رَمَيْنَ الجَمْرَ أمْ بِشَمانٍ)
الْغَرِيب الغادة والغيداء الناعمة والسجف جَانب السّتْر والشنف مَا علق فى أَعلَى لأذن والقرط مَا كَانَ فى أَسْفَلهَا الْمَعْنى الْعَرَب إِذا وصفت شَيْئا وبالغت فِيهِ جعلته من الْجِنّ كَقَوْل الآخر
(جِنِّيَّةٌ أوْ لَهَا جِنّ يُعَلِّمُها ... رَمْىَ القُلُوبِ بَقْوِسٍ مَا لَهَا وَتَرُ)
قَالَ ابْن وَكِيع يشبه قَول الطائى
(لَمْ يُخْطِكِ الجِيدُ مِنْ غَزَالٍ ... لَوْ عَطَّلُوه مِنَ الشنُوفِ)
ولوحشية يجوز أَن يكون استفهاما كَالْأولِ وَقَالَ ابْن جنى يحْتَمل أَمريْن أَحدهمَا أَحدهمَا أَن يكون أجَاب نَفسه فَلَمَّا قَالَ مستفهما لجنية قَالَ مجيبا لنَفسِهِ لَيْسَ لجنية وَلَا لغادة بل لوحشية ثمَّ رد على نَفسه مُنْكرا لهَذَا الِاعْتِقَاد بقوله لَا مَا لوحشية شنف أى لَيْسَ لَهَا هَذَا الشنف والثانى أَن يكون لوحشية مثل الجنية فَحذف همزَة الِاسْتِفْهَام
2 - الْغَرِيب عرتها أصابتها والسوالف جمع سالفة وهى صفحة الْعُنُق والحلى بِفَتْح الْحَاء وَسُكُون اللَّام وَجمعه حلى بِضَم الْحَاء وَكسر اللَّام وَتَشْديد الْيَاء وحلى بِكَسْر الْحَاء وَاللَّام وَشد الْيَاء وَقد قَرَأَ الْقُرَّاء بهَا فَقَرَأَ حَمْزَة والكسائى بِكَسْر الْحَاء وَاللَّام وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِضَم الْحَاء وَكسر اللَّام وَقَرَأَ يَعْقُوب بِفَتْح الْحَاء وَسُكُون اللَّام على مَا جَاءَ فِي هَذَا الْبَيْت الْمَعْنى يَقُول هِيَ نفور اى نافرة طبعا وأصابها نفرة فاجتمعت نفرتان نفرة أَصْلِيَّة ونفرة من رُؤْيَة الرِّجَال فتجاذبت سوالفها والحلى الَّذِي كَانَ عَلَيْهَا جذب عُنُقهَا بثقلة والعنق أمْسكهُ فَحصل التجاذب وردفها يجذب خصرها ودقة الخصر 3 - الْغَرِيب أصل التخييل الِاضْطِرَاب والخوط الْقَضِيب والمرط الثَّوْب والخشف ولد الظبية وَيُقَال المرط كسَاء من صوف أَو خَز وَقيل خيل من قَوْله تَعَالَى {يخيل إِلَيْهِ} الْمَعْنى يَقُول أرانا مرْطهَا وَمثل لنا صورتهَا كغصن بَان يتثنى وَولد ظبى رنا وَإِنَّمَا ذكر الْقَامَة واللحظ لِأَن المرط يستر محاسنها وَلم يستر الْقد واللحظ وَقَالَ الواحدى روى ابْن جنى
(وخَبَّل ... )
بِالْبَاء الْمُوَحدَة والمخبل الذى قطعت يَدَاهُ وَأَرَادَ أَن مرْطهَا ستر محاسنها فَكَأَن ذَلِك خبل مِنْهُ لَهَا ينظر إِلَى قَول ابْن الرومى
(إنْ أقْبَلَتْ فالبَدْرُ لاحَ وَإنْ مَشَتْ ... فالغُصْنُ مالَ وَإنْ رَنَتْ فالرّيمُ)

4 - الْإِعْرَاب رفع زِيَادَة خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف تَقْدِيره حالى وأمرى وَقُوَّة عطف عَلَيْهَا الْمَعْنى يَقُول حالى زِيَادَة شيب وهى فى الْحَقِيقَة نقص زيادتى وَكلما قوى الْعِشْق ضعف الْبدن وضعفت قوته وَهَذَا كَقَوْل الآخر
(وأُسَرُّ فِى الدُّنْيا بِكُلّ زِيادَةٍ ... وَزِيادَتِى فِيها هُوَ النَّقْصُ)

5 - الْغَرِيب يُقَال أراقت وهراقت وَالْهَاء بدل من الْهمزَة وَحلف ملازم الْمَعْنى يُرِيد أَنَّهَا تحبه كَمَا يُحِبهَا وتشتاقه كَمَا يشتاقها قَالَ أَبُو الْفَتْح لَو أمكنه أَن يَقُول بى من الوجد بهَا مَا بهَا من الوجد بى مَا بهَا من الوجد بى لَكَانَ أَشد اعتدالا لكنه للوزن حذف بعضه للْعلم كَمَا قَالَ حبيب
(وَإذَا تَأمَّلْتَ البلاَدَ رَأيْتَها ... تُثْرِى كَمَا تُثْرِى الرّجالُ وتَعُْدِمُ)
أَرَادَ كَمَا يعدمون فَحذف الْمَعْنى يَقُول هَذِه الَّتِى قد أراقت دمى تحبنى وتشتاقنى كحبى لَهَا واشتياقى وَبهَا مثل مَا بى من الوجد قَالَ
(وَجِدَتْ بِى مَا وَجِدْتُ بِها فِكِلانا ... فَكِلانا مُغْرمٌ دَنِفُ)

6 - الْغَرِيب الوحف الْكثير الملتف الْمَعْنى يَقُول إِذا جردتها من أثوابها كَانَ من الشّعْر مَا يقوم فى سترهَا مقَام الثَّوَاب وَهَذَا كَقَوْل أَبى المعتصم
(رأَتْ عَيْنَ الرَّقيبِ على تَدَانٍ ... فَأسْبَلَتِ الظَّلامَ عَلى الضّياءِ)

الصفحة 282