كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 2)
- الْمَعْنى يَقُول لما فَقدنَا نَظِيره وَمن يكون لَهُ مثلا لِأَنَّهُ عديم الْمثل دَامَ الْكَشْف عَن مثل لَهُ يَقُول طلبنا ذَلِك فَلم نجده وَهُوَ قَوْله
(فدام الْفَقْد وانكشف الْكَشْف ... )
أى زَالَ وَبَطل لأَنا أيسنا من وجود مثله وَقَالَ الواحدى لم يُفَسر أحد هَذَا الْبَيْت بِمثل هَذَا وَلَو حكيت تخبط النَّاس فِيهِ لطال الْخطب
21 - الْمَعْنى الأوهام متحيرة فِيهِ والطرف متحير فى حسنه وجماله وَلَيْسَ تحير الأوهام فى شَأْنه أَكثر من تحير الطّرف فى حسنه
22 - الْغَرِيب الوفر المَال وَالْعرْف الْمَعْرُوف الْمَعْنى يَقُول عطاؤه قد نقص من مَاله وَلَيْسَ ذَلِك بعجب وَإِنَّمَا الغيظ والأذى قد نقص من حساده وَأثر فيهم وهز لَهُم وجوده قد فعل بأمواله أَكثر مِمَّا فعل الْأَذَى بحساده وَمثله للديك
(فَعَلتْ مُقْلَتاكِ بالصَّبَ مَا تَفْعَلُ ... جَدْوَى الأمِيرِ بالأَمْوَالِ)
23 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح هَذِه القصيدة من الضَّرْب الأول من الطَّوِيل وعروض الطَّوِيل تجئ أبدا مَقْبُوضَة على مفاعلن إِلَّا أَن يصرع الْبَيْت فَيكون ضربه على مفاعلين أَو فعولن فَيتبع الْعرُوض الضَّرْب وَلَيْسَ هَذَا الْبَيْت مصرعا وَقد جَاءَ بعروضه على مفاعيلن وَهُوَ تَخْلِيط مِنْهُ وَأقرب مَا يصرف إِلَيْهِ هَذَا أَن يُقَال إِنَّه رد مفاعلن إِلَى أَصْلهَا وهى مفاعيلن لضَرُورَة الشّعْر كَمَا أَن للشاعر إِظْهَار التَّضْعِيف وَصرف مَا لَا ينْصَرف وإجراء المعتل مجْرى الصَّحِيح وَقصر الْمَمْدُود وَمَا يطول ذكره مِمَّا ترد فِيهِ الْأَشْيَاء إِلَى أُصُولهَا قَالَ الواحدى وَلَو قَالَ ومنطقه هدى أَو تسقى لسلم الْبَيْت من ذَلِك وَمعنى الْبَيْت إِذا تفكر يتفكر فى الْمسَائِل الشَّرْعِيَّة وَإِذا نطق ينْطق بالحكمة وَالْحكم بَين النَّاس ويطوى بَاطِنه على دين الله تَعَالَى وَيظْهر للنَّاس الظّرْف وَمَكَارِم الْأَخْلَاق وَفِيه نظر إِلَى قَول الخريمى
(فَتًى جَهْرُهُ ظَرْفُ وَباطِنُهُ تُقًى ... يُزَيِّنُ مَا يُخْفِى بِصَالِحِ مَا يُبْدِى)
الصفحة 287