كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 2)

- الْمَعْنى أَنه جعله كالبحر الْمُحِيط بالدنيا لِكَثْرَة نداه وعطاياه أى لم يجلس الْبَحْر قبله لمن يَقْصِدهُ وَمن تَحْتَهُ فرش يقلهُ وَمن فَوْقه سقف يظله
29 - الْغَرِيب الْقَرَاطِيس جمع قرطاس وَهُوَ مَا يكْتب فِيهِ والصحف جمع صحيفَة وهى الْكتب الْمَعْنى تعجبى من أَنى أُرِيد أَن أحاول وصف رجل فنيت فى وَصفه الْقَرَاطِيس وَفِيه نظر إِلَى قَول حبيب
(تَرَكْتَهُمْ سِيَراً لَوْ أنَّها كُتِبَتْ ... لمْ تُبْقِ فِى الأرْضِ قِرْطاسا وَلا قَلَما)

30 - الْمَعْنى يَقُول من كَثْرَة مَا يخبر عَن مركرماته ويحث عَنْهَا كلما مر مِنْهَا نوع أَتَى نوع آخر فالصنف على هَذَا صنف من مكرماته وَيجوز أَن يكون الصِّنْف من القصاد الَّذين يقصدونه ويأتونه لِكَثْرَة مَا يسمعُونَ من تِلْكَ الْأَخْبَار يمضى صنف قد صدرُوا عَنهُ ويأتى صنف يقصدونه
31 - الْمَعْنى يَقُول تفتر الْأَخْبَار عَن خِصَال كَأَنَّهَا تسفر وتنجلى وَأَصله فى الضحك إِذا بَدَت الْأَسْنَان شبه خصاله فى حسنها وحلاوتها بثنايا معشوق لَا يمل مص رِيقهَا
32 - الْمَعْنى أَنه يفضل غَيره من الْكِرَام كفضل الْأنف على الذَّنب جعله كالأنف وَغَيره كالذنب لشرفه وعلو قدره وَهُوَ مَنْقُول من قَول الحطيئة
(قَوْمٌ هُمُ الأنْفُ والأذْنابُ غَيرُهُمُ ... وَمَنْ يُسَوِّى بأَنْفِ النَّاقَةِ الذَّنَبا)
قيل إِن الحطيئة مدح بِهَذَا الشّعْر قوما مَا كَانُوا ينبزون بأنف النَّاقة وَكَانُوا يكرهونه فَلَمَّا مدحوا بِهِ افْتَخرُوا بلقبهم
33 - الْإِعْرَاب نفوعان خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف أى هما نفوعان الْغَرِيب التبر الذَّهَب والمكدى الذى لَا خير عِنْده الْمَعْنى يَقُول الذَّهَب والفضلة وَاحِد وَإِن اجْتمعَا فى الْمَنْفَعَة فليسا سَوَاء وَمثله لِابْنِ الرومى
(وَجَدْتُكُمْ مِثْلَ الدَّنانِيرِ فِيهِمُ ... وَسائِرَ هَذَا الخَلْقِ مِثلَ الدَّرَاهِمِ)

الصفحة 289