كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 2)

- الْمَعْنى يَقُول كَيفَ الصَّبْر عَنْك والتجلد على الِانْفِصَال مِنْك وَقد كفانى مَا غمرنى من برك وأحاط بى من إنعامك وفضلك وَمَا كَفاك ذَلِك وَلَا أقنعك وَلَا أرضاك حَتَّى أعطيتنى أَكثر مِمَّا كنت أَتَمَنَّى فَإِذا كَانَ الْحَال هَذِه فَكيف أَصْبِر عَنْك ولكنى أجتهد فى الْإِسْرَاع إِلَيْك وَفِيه نظر إِلَى قَول البحترى
(وَلمْ أَمْلَ إلاَّ مِنْ مَوَدَّتِهِ يَدِى ... وَلا قُلتُ إلاَّ مِنْ مَواهِبهِ حَسْبى)

14 - الْإِعْرَاب أتتركنى هُوَ اسْتِفْهَام إِنْكَار وَهُوَ مقلوب وَالْأَصْل أنتركك وَلكنه قلب الْكَلَام وَمثله كثير لِأَن من تركته فقد تَركك وَنصب فتقطع لِأَنَّهُ جَوَاب الِاسْتِفْهَام بِالْفَاءِ الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح بحصولى عنْدك وقصدى لَك شرفت عِنْد النَّاس فَإِذا بَعدت عَنْك زَالَ مَا كسوتنيه من الشّرف والرفعة فصرت بِمَنْزِلَة من كَانَت نَعله عين الشَّمْس فَمشى فِيهَا فَانْقَطع شراكها فَسَقَطت من رجله وَالْمعْنَى أَنا شرِيف مُعظم عنْدك فَإِذا رحلت عَنْك إِلَى غَيْرك زَالَ ذَلِك الشّرف عَنى وَسَقَطت من أعين النَّاس
15 - الْغَرِيب الابتراك السُّقُوط على الركب وَأَرَادَ بِهِ هَا هُنَا سرعَة السّير الْمَعْنى يَقُول أَنا شَدِيد الأسف وَلم أسر بعد فَكيف إِذا أَسْرَعنَا فى السّير وَهُوَ من قَول أَشْجَع
(فَها أنْتَ تَبْكى وَهُمْ جِيرَةٌ ... فكَيْفَ تَكُونُ إذَا وَدَّعُوا)

(لَقَدْ صَنَعُوا بِكَ مَا لَا يَحِلْ ... وَلَوْ رَاقَبوا اللهَ لَمْ يَصْنَعُوا)

(أتَطْمَعُ فِى العَيْشِ بعْدَ الفِرَاقْ ... مُحَالٌ لعَمْرُكَ مَا تَطْمَعُ)
وَمثله لآخر
(لقَدْ كُنْت أبْكى خِيفَةً لفِرَاقِهِ ... فكَيْفَ إذَا بانَ الحَبِيبُ فَوَدَّعا)
وَمثله لسحيم
(أشَوْقا وَلَّما يَمْضِ لى غَيْرُ لَيْلَةٍ ... فكَيْفَ إِذا جَدَّ المَطِىُّ بِنا شَهْرَا)

الصفحة 389