كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 2)

- الْغَرِيب يُقَال حاك السَّيْف وأحاك لُغَتَانِ وَهُوَ الْقطع والأثر والبين الْبعد والفراق الْمَعْنى يَقُول الشوق على مثل السَّيْف يعْمل عمله وَهُوَ صارم لم أضْرب بِهِ وَقد قطع وَلَا باشرته وَقد آلم وأوجع
17 - الْغَرِيب أعرض الشئ بدا وَظهر الْمَعْنى يَقُول إِذا ظهر التوديع قَالَ لى قلبى اسْكُتْ لَا تَتَكَلَّم بالوداع قَالَ الواحدى وَيجوز أَن يكون الْمَعْنى لَا تمدح غَيره وَالْمعْنَى لَا صاجبت فَاك أى لَا نطقت وَهَذَا من الْأَلْفَاظ الَّتِى يتطير مِنْهَا
18 - الْغَرِيب مناك جمع منية وَهُوَ مَا يتمناه الْإِنْسَان والمعاودة الْعود إِلَيْهِ الْمَعْنى يَقُول لَوْلَا أَن قلبى أَكثر مَا يتَمَنَّى وَيطْلب خدمَة الممدوح لَقلت لَهُ لَا بلغت مناك وَقَالَ الواحدى لَا بلغت مناك فى الارتحال حَتَّى لَا أفارقه وَلكنه يتَمَنَّى الارتحال للعود إِلَيْهِ
19 - الْغَرِيب الِاسْتِشْفَاء التعالج من الدَّاء والشفاء الْبُرْء من السقم الْمَعْنى يَقُول لِقَلْبِهِ أضمرت من الشوق شوقا إِلَى أهلك فَكَانَ ذَلِك داءك وتداويت مِنْهُ بِأَن فَارَقت أَبَا شُجَاع ومفارقته دَاء أعظم من دَاء شوقك إِلَى أهلك فَكَأَنَّمَا تداويت من فِرَاقه بِمَا هُوَ أقتل من مكابدتك الشوق إِلَى أهلك وَقد نَقله من كَلَام الْحَكِيم قَالَ الْحَكِيم إِذا كَانَ سقم النَّفس بِالْجَهْلِ كَانَ شفاؤها بِالْمَوْتِ وَهَذَا أَيْضا مَنْقُول من قَول حميد بن ثَوْر الهلالى
(أرَى بَصَرِى قَدْ رَابَنِى بَعْدَ صحَّةٍ ... وَحَسْبُكَ دَاء أنْ تَصِحَّ وتَسْلَما)
وَقَالَ الحصنى
(أفْضَى بِكَ الهَجْرُ إِلَى آلِنا ... فَجِئْتَ مِنْ دَاءٍ إِلَى داءِ)

الصفحة 390