كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 2)

- الْإِعْرَاب وَلَا إِلَّا أَرَادَ وَلَا أرْضى إِلَّا فَحَذفهُ لدلَالَة الأول عَلَيْهِ وروى فليته لَا يتيمه على حذف إشباع الضَّمِير كَمَا أنْشد سِيبَوَيْهٍ
(مُسْتَعْسِرُ الظَّهْرِ يَنْبُو عَنْ وَلِيَّته ... مَا حَجَّ رَبَّهُ فى الدُّنْيا وَلا اعْتَمَرَا)
وكما أنْشد أَيْضا
(فَمَا لَهُ مِنْ مَجْدٍ تَلِيدٍ وَمالَهُ ... )
الْمَعْنى يَقُول لَا أرْضى إِلَّا أَن أورد عَلَيْهِ فيصغى إِلَى مَا أوردهُ عَنْك من حسن الذّكر وأحكى مَا أسديته إِلَى من جليل الْفضل فليته عِنْد ذَلِك لَا يتيمه هَوَاك إعجابا بك وَبِمَا جمعه الله فِيك من الْفَضَائِل لِأَن الْإِحْسَان يستعبد الْإِنْسَان ويحبب صَاحبه إِلَى الْإِنْس والجان
30 - الْغَرِيب الطَّرب خفَّة تغلب عِنْد شدَّة الْفَرح والحزن والعلا غايات الشّرف والرفعة والواحدة عليا الْمَعْنى يَقُول كم من إِنْسَان تطرب مسامعه إِذا سمع شعرى فِيك وَلَا يدرى أيعجب من حسن ثنائى فِيك أم من علوك يُرِيد أَن كِلَاهُمَا عجب لأنى أثبت فى شعرى من فضلك وأظهرت فِيهِ من مدحك مَا لَيْسَ يدْرِي عِنْد سَمَاعه لذَلِك أيعجب من علاك وَمَا تبلغه من الْجَلالَة والرفعة أم من ثنائى
31 - الْغَرِيب النشر الرَّائِحَة الطّيبَة والفهر الْحجر الذى يسحق بِهِ الطّيب والمداك للصلاية الَّتِى يداك عَلَيْهَا والدوك الدق والسحق الْمَعْنى يَقُول الثَّنَاء الطّيب وَهُوَ عرضك كَانَ بِمَنْزِلَة الطّيب وَهُوَ الذى يتضوع عِنْد مَا أضيفه لَك من مجدك وأذكره من ترادف فضلك أى نشر فضلك الذى هُوَ الْمسك فى كرم جوهره وعبق طيبه ومجده وَهُوَ ذَاك الْمسك ومداكه اللَّذَان يستخرجان حَقِيقَة فَضله ويخبران عَن جلالة قدره شعرى الذى يسير فى البدو والحضر ويتغنى بِهِ فى الْحُلُول وَالسّفر وَهُوَ مَنْقُول من قَول ابْن الرومى
(وَما ازْدادَ فَضْلٌ فيكَ بالمَدْحِ شُهْرَةً ... بَلى كانَ مثلَ المِسْكِ صَادَفَ مِخْوَضا)
والمخوض الذى يُحَرك بِهِ الطّيب وَذَلِكَ لَا يزِيد الطّيب فضلا بل يظْهر رَائِحَته كَذَلِك الشّعْر يظْهر فَضَائِل الممدوح للنَّاس وَلَا يزِيدهُ فضلا

الصفحة 393