كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 3)
وَقَالَ الْخَطِيب بِالْيَاءِ أَي يسحب إِلَيْك الْحزن الْمَعْنى يَقُول لَك إلْف يجر إِلَيْك الْحزن وَالْوَفَاء من كرم الأَصْل وَإِن الْكَرِيم أُلُوف وَإِذا كَانَ ألوفا حزن على فِرَاق من يألفه وَالْمعْنَى لَك إلْف لكرم صحبتك يجر الْحزن إِلَيْك مِمَّن تفقده من أحبتك وَيُوجب الإشفاق مِنْك على مواصلك وَكَذَلِكَ الأَصْل إِذا كَانَ كَرِيمًا كأصلك مُتَمَكنًا فِي مثل نِصَاب شرفك كَانَ أصلا لكريم المواصلة والمؤالفة وباعثا على مشكور العاملة فمنزلتك من الشّرف تضمن الْفضل عَنْك ومحلك من الْكَرم يُوجب حسن المؤالفة وَالرِّوَايَة الجيدة بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاة تحتهَا
8 - الْإِعْرَاب قَوْله وَلَكِن هُوَ على سَبِيل الأستثناء كَمَا تَقول زيد شرِيف غير أَنه سخى فَهُوَ مَعْرُوف فِي كَلَام الْعَرَب الْمَعْنى لَك وَفَاء نشأت فِيهِ فَلَا تعرف غير الْوَفَاء للأحباب وَالْمعْنَى ويجر عَلَيْك الْحزن بالمفقودة وَفَاء ورثته من آبَائِك وعشيرتك كَانَت فِيهِ نشأتك وَنبت عَلَيْهِ فِي سالف مدتك وَلم يزل أهلك أهل الْوَفَاء وَالْكَرم وأرباب الفواضل وَالنعَم فَأَنت من الْإِنْصَاف على وراثة سالفة وَمن الْوَفَاء وَالْكَرم على أولية متقادمة
9 - الْإِعْرَاب نصب عينا على التَّمْيِيز كَقَوْلِك إِن احسن النَّاس وَجها لزيد وروى الْجَمَاعَة غير أبي الْفَتْح عونا وَهِي أحسن من رِوَايَة أبي الْفَتْح وبرواية أبي الْفَتْح قَرَأت على شَيْخي أبي الْحرم بالموصل وبالروايتين قَرَأت على شَيْخي أبي مُحَمَّد عبد الْمُنعم الْغَرِيب الرِّعَايَة حسن الْمُحَافظَة والاستهلال الانسكاب الْمَعْنى يَقُول إِن خير الدُّمُوع لدمع سَببه رِعَايَة الْعَهْد وَهُوَ عون على الْحزن وَذَلِكَ أَن الدمع يُخَفف برح الوجد كَمَا قَالَ ذُو الرمة
(لعلَّ انْحِدَارَ الدَّمع يُعْقِبُ رَاحَةً ... مِنَ الوَجْدِ أوْ تُشْفَى لِدَاء بَلابِلُ)
وَالْمعْنَى إِن خير الدُّمُوع الْجَارِيَة وَأَرْفَع الْعُيُون الباكية دمع بعتت الرِّعَايَة عَلَيْهِ وَأَشَارَ الْوَفَاء وَالْكَرم إِلَيْهِ فانحدر وانسكب وتصبب
10 - الْغَرِيب صل الْحَدِيد يصل إِذا صَوت والصليل امتداد الصَّوْت وصلصلة اللجام صَوته وَيُرِيد إِذا استكره ضرب الْحَدِيد وَفِيه نظر إِلَى قَول لبيد
(أحْكَمُ الجِنْثَّى منْ عَوْرَاتِها ... كُلُّ حِرْباءٍ إذَا أُكْرِهَ صَلّ)
الصفحة 125