كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 3)

- الْمَعْنى يَقُول كذبت الدَّهْر ظنونه فِيمَا رامك من الشكل وعرضك لَهُ من الْحزن أَنْت تبليه بطول سلامتك وتغلبه باتصال سعادتك ويبقيك الله فِي نعْمَة لَا تبلى سابغة لَا تنقص تَامَّة نامية
18 - الْمَعْنى يَقُول لقد رامك أعداؤك بِمثل مَا رامك الزَّمَان من التَّعَرُّض لمساءتك والإقدام على معارضتك فعجزوا عَن التَّأْثِير فِي ظلك فضلا عَن أَن ينالوا بذلك خَاصَّة نَفسك
19 - الْمَعْنى يَقُول طلبت بسعدك وَمَا تكفل الله لَك من إعلاء أَمرك بعض نفوس أعدائك فأدركت كلهَا وحاولت خُصُوصا مِنْهَا فمكن لَك الإقبال جَمِيعهَا فالأقدار تيَسّر لَك أفضل مِمَّا ترغبه وتقرب لَك أفضل وَأكْثر مِمَّا تطلبه
20 - الْغَرِيب القرع الضَّرْب والرامحين جمع رامح وَهُوَ الَّذِي يحمل الرمْح وعزل جمع أعزل وَهُوَ الَّذِي لَا رمح مَعَه الْمَعْنى يَقُول لما ناولت الأقران وطاعنت الفرسان قارعت رمحك رماحهم وَأَنت بِشدَّة قرعك وَزِيَادَة قوتك أطرت رماح الطاعنين لَك وأسقطتها من أَيدي المترسمين بك فصاروا عزلا بَين يَديك عاجزين عَن الْإِقْدَام عَلَيْك يُشِير إِلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ من الحذق بالطعن والاقتدار على التَّصَرُّف فِي الْحَرْب
21 - الْغَرِيب الْقبل جمع أقبل وَهُوَ الَّذِي يقبل إِحْدَى عَيْنَيْهِ على الْأُخْرَى عزة وتشاوسا وَقَالَ الْخَطِيب هُوَ ضد الْحول لِأَن الْحول أَن تخَالف إِحْدَى الْعَينَيْنِ الْأُخْرَى وَقَالَ الْجَوْهَرِي الْقبل فِي الْعين إقبال السوَاد على الْأنف وَقد قبلت عينه وأقبلتها أَنا وَرجل أقبل بَين الْقبل وَهُوَ الَّذِي كَأَنَّهُ ينظر إِلَى طرف أَنفه قَالَت الخنساء
(وَلمَّا أنْ رأيْتَ الخَيْلَ قُبْلاً ... تُبارٍ ي بالخُدُودٍ شَبا الْعَوَالِي)
الْمَعْنى يَقُول لَو كَانَ الَّذِي أَصَابَك من الرزية طَعنا لأوردته خيلا قبلا جمع أقبل وَالْمعْنَى لَو يكون الَّذِي طرقك من فجيعتك طعانا ومنازلة وقتالا ومفاوزة لأوردت ذَلِك الموطن الْخَيل قبلا مُقَدّمَة ولأقحمتها على الْمَوْت أَشد الإقحام مُكْرَهَة

الصفحة 128