كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 3)

وَقَالَ أَبُو الْفَتْح يُرِيد إِن كَانَ الطعْن صعبا على الطاعن فَهُوَ ايسر من الضَّرْب لِأَن بعد الطاعن عَن عدوه أَكثر من يعد الضَّارِب والرامي ابعد من الطاعن وَقد رتبه زُهَيْر بقوله
(يطْعُنْهُمْ مَا ارْتَمُوا حَتَّى إذَا اطَّعَنُوا ... ضَارَبَ حَتَّى إِذا مَا ضَارَبُوا اعْتَنَقا)
وَمعنى الْبَيْت يَقُول هُوَ الضَّارِب الْجَمَاعَة من الْخَيل والكتيبة من الْجَيْش وَالْحَرب متوقدة ونيرانها مضطرمة والطعن بَين الفرسان يغلو ويشرف ويشتد ويفرط وَالضَّرْب أَعلَى وأفرط وَأَشد وأبلغ فَدلَّ على أَن سيف الدولة عِنْد اشتداد الْحَرْب يقتحم الْكَتَائِب بِنَفسِهِ ويستخف ذَلِك بِشدَّة باسه
39 - الْإِعْرَاب الْعُقُول بِالنّصب هُوَ الأَصْل وبالخفض تَشْبِيها بالْحسنِ الْوَجْه وَنصب وَصفا على التَّمْيِيز وروى ابْن جنى يدْرك بِالْيَاءِ وروى غَيره بِالتَّاءِ وَكسر الرَّاء وَالضَّمِير للعقول وروى جمَاعَة تدْرك على الْخطاب للمدوح وَهُوَ الْأَحْسَن الْغَرِيب الباهر الْغَالِب الْمَعْنى يَقُول يَا من غلب الْعُقُول بِمَا ظهر من بَدَائِع أَفعاله فَمَا تدْرك الْعُقُول على الرِّوَايَة بِكَسْر الرَّاء وَصفا لَهُ أَتعبت فكري فمهلا أَي ارْفُقْ وَالْمعْنَى أَيهَا الْملك الَّذِي بهر الْعُقُول بِكَثْرَة فضائله وأعجز الْأَوْصَاف بتتابع مكارمه مهلا على فكري فقد أتعبته ورفقا بِمَا أنظم فِيك فقد أَعْجَزته
40 - الْمَعْنى يَقُول وَكَيف لَا يكون ذَلِك وَمن أَرَادَ أَن يتشبه بك فِي كرمك أعجزه ذَلِك فَلم يقدر على التَّشَبُّه بك وَمن أَرَادَ الدّلَالَة فِي طرقك فقد ضللته فضائلك لِأَنَّك تسبق وَلَا تسبق وتتقدم فَلَا تلْحق وَالْمعْنَى لَا يقدر أحد على مجاراتك فِيمَا تسكله
41 - الْمَعْنى يَقُول إِذا دَعَا لَك دَاع بالخلود قَالَ لَا مت حَتَّى ترى لَك نظيرا فَإنَّك لَا ترى لَك نظيرا فَلَا تزَال بَاقِيا وَالْمعْنَى إِذا اشْتهى أحد أَن يَدْعُو لَك بطول الْعُمر واتصال الْبَقَاء على مر الدَّهْر فَلْيقل بقيت حَتَّى ترى لنَفسك شَبِيها وملكا يعادلك فِي مجدك يُشِير إِلَى أَنه لَا يظفر الزَّمَان بِمثلِهِ وَلَا يبلغ أحد إِلَى غَايَة فَضله

الصفحة 133