كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 3)
- 1 الْإِعْرَاب ذِي اسْم مُبْهَم يشار بِهِ إِلَى الْمُؤَنَّث كَمَا يشار بذا إِلَى الْمُذكر وَتَقْدِيره هَذِه الْمَعْنى يَقُول مُشِيرا إِلَى مَا فعله سيف الدولة فِي بداره إِلَى جيوش الرّوم وانهزامهم من بَين يَدَيْهِ وَمنعه لَهُم مِمَّا كَانُوا عَلَيْهِ من حِصَار الْحَدث هَذِه الْمَعَالِي الَّتِي تُؤثر والمكارم الَّتِي تخلد على أثبت حقائقها وَأبْعد غاياتها فَمن تعاطى الْإِقْدَام وَالْقُوَّة والتعالي والرفعة فلينهض بِمِثْلِهَا وليتقدم إِلَى فعلهَا هَكَذَا سَبِيلهَا ووجهها وطريقها وَإِلَّا فَلَا يتَعَرَّض الرؤساء لَهَا وَلَا يتميزوا بهَا وَكرر لَا على سَبِيل التوكيد وَكَانَ سَبَب عمل هَذِه القصيدة أَن سيف الدولة ورد عَلَيْهِ أَن الدمستق وجيوش النَّصْرَانِيَّة قد نزلُوا على حصن الْحَدث ونصبوا عَلَيْهِ مكايد وَقد روا أَنَّهَا فرْصَة فِيهِ لما تدَاخل أَهله من الانزعاج والقلق وَكَانَ ملكهم قد ألزمهم قَصده وأنجدهم بأصناف الْكفْر من البلغر والروس والصقلب وأنفذ مَعَهم الْعدَد الْكثير وَالْعدَد فَركب سيف الدولة نافرا وانتقل إِلَى غير الْموضع الَّذِي كَانَ فِيهِ وَنظر فِيمَا يجب أَن ينظر فِيهِ وَسَار عَن حلب فِي جُمَادَى الأول فَنزل رعبان وأخبار الْحَدث عَلَيْهِ مستعجمة لأَنهم ضبطوا الطّرق ليخفى عَلَيْهِ خبرهم فَلَمَّا ضجر لبس سلاحه وَأمر أَصْحَابه بِمثل ذَلِك وَسَار زحفا فَلَمَّا قرب من الحَدِيث عَادَتْ الجواسيس تعلمه أَن الْعَدو لما أشرفت عَلَيْهِ خُيُول الْمُسلمين من عقبَة يُقَال لَهَا العبري رَحل وَلم تَسْتَقِر بِهِ دَار وَامْتنع أهل الْحَدث من البدار بالْخبر خوفًا من كمين يعْتَرض الرُّسُل فَنزل سيف الدولة بِظَاهِرِهِ وأتهم طلائعهم تخبر سيف الدولة بانصرافهم إِلَى حصن رعبان وَوَقعت الضجة وَظهر الِاضْطِرَاب وَولى كل فريق على وَجهه وَخرج أهل الْحَدث فأوقعوا ببعضهم وَأخذُوا آلَة سِلَاحهمْ وأعدوه فِي حصنهمْ 2
الْغَرِيب الروق الْقرن والقلقة الْحَرَكَة وَجمع جبل جبال وأجبال الْمَعْنى أَنه فسر معاليه بِهَذَا الْبَيْت فَقَالَ شرفك يزاحم النُّجُوم فِي الْعُلُوّ وعزك أثبت من الْجبَال وأرسى يُرِيد أَن شرفك يبلغ الثريا بعلوه ويزاحمها بجلالة قدره ويناطحها بقرنيه واستعار لشرفه قرنين لِأَنَّهَا فِي الْحَيَوَان من أَسبَاب الْقُوَّة ودواعي الْإِقْدَام والمنعة مَعَ عز تتقلقل الْجبَال من هيبته وتضطرب إعظاما لرفعته وَقَالَ الواحدي يُرِيد أَن سُلْطَانه ينفذ فِي كل شَيْء حَتَّى لَو أَرَادَ أَن يزِيل الْجبَال لحركها
الصفحة 134