كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 3)
- الْمَعْنى يَقُول حَالهم عَظِيم فِي كثرتهم وشدتهم ومنعتهم وَلَكِن سيف الدولة ابْن الْمُلُوك العظماء وَالسُّيُوف الْمَاضِيَة على الْأَعْدَاء أعظم وَأَرْفَع وأنفذ وَأَمْنَع
4 - الْغَرِيب النذير الَّذِي ينذر أَصْحَابه ويحذرهم وَأَرَادَ بالنذير هُنَا الجاسوس الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح كلما عَاد إِلَيْهِم نذيرهم سابقوه بالهرب قبل وُصُوله ثمَّ تلتهم خيل سيف الدولة فسبقت النذير قَالَ الواحدي قَالَ ابْن فورجة أعجلته بِمَعْنى استعجلته فَأَما سبقته فَيُقَال فِيهِ عدلته يَقُول كلما استعجلوا النذير بِالْمَسِيرِ إِلَيْهِم وإخبارهم بقدوم جَيش سيف الدولة أطلت عَلَيْهِم خيله قبل قدوم النذير عَلَيْهِم وَيجوز أَن يُرِيد أَن الْعَدو كلما أعجاوا النذير بهم وَبَادرُوا المتقلدين لأطراف أَعمال سيف الدولة والمتصرفين فِي أقاصي بِلَاده ورجوا أَن يُصِيبُوا مِنْهُم غرَّة وينهزوا فيهم فرْصَة بادرتهم خيوله ولحقتهم جيوشه وأعجلتهم عَن ذَلِك الإعجال فصرفهم على أَسْوَأ الْأَحْوَال
5 - الْغَرِيب خوارق الأَرْض الْخَيل لشدَّة وَطئهَا وَمثله
(إذَا وَطِئَتْ بأيْدِيها صُخُوراً ... بَقِينَ لِوَطْءِ أرْجُلِها رِمالاً)
_ الْمَعْنى يَقُول أتهم خيل سيف الدولة تخرق الأَرْض نحوهم مسرعة وتطويها إِلَيْهِم مبادرة لَا تحمل إِلَّا الشجعان وَالْحَدِيد الَّذِي يشملهم وَالسِّلَاح الَّذِي يعمهم ويسترهم
6 - الْغَرِيب النَّقْع الْغُبَار وبراقع الْخَيل وجلالها مَعْرُوف والبرقع مَا ستر الْوَجْه وَلم يبْق مِنْهُ إِلَّا العينان والجل مَا كَانَ على ظهر الدَّابَّة تَحت السرج _ الْمَعْنى يَقُول أتهم خيل سيف الدولة وَقد خَفِي لَوْنهَا فَلَا يعرف الأدهم من الْكُمَيْت وَلَا الْأَشْهب وَلَا الْأَشْقَر من الْغُبَار الَّذِي يثيره ركضها ويبعثه سَيرهَا حَتَّى كَانَ عَلَيْهَا من ذَلِك القتام براقع تستر وَجههَا وجلالا تَشْمَل جسومها يُشِير إِلَى مَا تجشمه من التَّعَب وَمَا كَانَ عَلَيْهِ من قُوَّة الطّلب وَهُوَ من قَول عدي بن الرّقاع
(يَتَعاوَرَانِ مِنَ الْغُبارِ مًلاءَة ... دَكْناءَ مُحْدَثَةً هُمَا نَسَجاها)
وَفِيه نظر إِلَى قَول عَوْف بن عَطِيَّة
(كأنَّ الظِّباءَ بِها وَالنِّعاجَ ... أُلْبِسْنَ مِنْ رَازِقَّي شِعاراً)
الصفحة 135